الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              359 366 - حدثنا عاصم بن علي قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما يلبس المحرم؟ فقال: " لا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرنس، ولا ثوبا مسه الزعفران ولا ورس، فمن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين". وعن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم. مثله. [انظر: 134 - مسلم: 1177 - فتح: 1 \ 476] .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي هريرة: قام رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن الصلاة في الثوب الواحد، فقال: "أوكلكم يجد ثوبين؟! ". ثم سأل رجل عمر، فقال: إذا وسع الله فأوسعوا، جمع رجل عليه ثيابه، صلى رجل في إزار ورداء، في إزار وقميص، في إزار وقباء، في سراويل ورداء، في سراويل وقميص، في سراويل وقباء، في تبان وقباء، في تبان وقميص. قال: وأحسبه قال: في تبان ورداء.

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا في الطهارة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 304 ] والسراويل: فارسي معرب يذكر ويؤنث، وبالنون بدل اللام وبالشين المعجمة بدل المهملة.

                                                                                                                                                                                                                              والتبان: -بالضم- قصير شبه السراويل، مذكر.

                                                                                                                                                                                                                              والقباء: ممدود لانضمام لابسه بأطرافه، فارسي معرب وقيل: عربي، قال كعب فيما نقله الفارسي في "مجمع الغرائب": أول من لبسه سليمان بن داود - عليه السلام - فكان إذا دخل رأسه في الثياب لنصت الشياطين يعني: قلصت أنوفها.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: الاكتفاء بالثوب الواحد إذ هو الواجب الكافي للعورة.

                                                                                                                                                                                                                              وقول عمر - رضي الله عنه - دال على ذلك، فإن جمع الثياب في الصلاة استحباب بقول عمر في تبان ورداء دلالة على أن الرداء ليشتمل به؛ لأنه لا يكون الرداء مع التبان أو السراويل إلا ليشتمل به.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (جمع عليه، صلى) يريد: ليجمع وليصل؛ إذ هو أطلق الماضي فيه وأراد المستقبل لقوله تعالى: وإذ قال عيسى ابن مريم [الصف: 6] أي يقول، كذا قال ابن بطال.

                                                                                                                                                                                                                              واعترض عليه بأنه في معنى الشرط، فالماضي فيه والمستقبل سواء، [ ص: 305 ] كأنه قال: إن جمع رجل عليه ثيابه فحسن، ثم فصل الجمع بصوره على معنى البدلية، وذكر صورا تسعة: إزار ورداء... إلى آخرها، ثلاثة سابغة: الرداء ثم القميص، ثم القباء، وثلاثة ناقصة: الإزار، ثم السراويل، ثم التبان، فأفضلها الإزار ثم السراويل، ومنهم من عكس، واختلف أصحاب مالك في من صلى في سراويل وهو قادر على الثياب، ففي "المدونة": لا يعيد في الوقت ولا في غيره وعن ابن القاسم مثله، وعن أشهب عليه الإعادة في الوقت وعنه أيضا صلاته تامة إن كان صفيقا.

                                                                                                                                                                                                                              وذكر فيه أيضا حديث سالم، عن ابن عمر: "لا يلبس- يعني: المحرم- القميص ولا السراويل.. " إلى آخره.

                                                                                                                                                                                                                              وعن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم. مثله.

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف آخر كتاب العلم وتكلمنا عليه هناك، ووجه إيراده هنا فيما ظهر لي أن الشارع نهى المحرم عن لبس المذكورات فغيره مأذون له في ذلك ومن جملته حالة الصلاة.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية