الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4161 4423 - حدثنا أحمد بن محمد، أخبرنا عبد الله، أخبرنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال: " إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم". قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟! قال: "وهم بالمدينة، حبسهم العذر". [انظر: 2838 - فتح: 8 \ 126]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه أحاديث.

                                                                                                                                                                                                                              أحدها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث المغيرة بن شعبة: ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبعض حاجته، فقمت أسكب عليه الماء -لا أعلمه إلا قال: في غزوة تبوك- فغسل وجهه .. الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              وسلف في الطهارة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 603 ] ثانيها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي حميد: أقبلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك حتى إذا أشرفنا على المدينة قال: "هذه طابة".

                                                                                                                                                                                                                              سلف في الحج زاد هنا: "أحد يحبنا ونحبه".

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أنس - رضي الله عنه -: أنه - صلى الله عليه وسلم - رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال:

                                                                                                                                                                                                                              "إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا" .. الحديث. سلف في الجهاد في باب: من حبسه العذر عن الغزو . والمراد: سابقوا بقلوبهم لشغل ضمائرهم بهم، يقولون: هم اليوم بموضع كذا وكذا، وقد أسلفنا أن طابة وطيبة من أسماء المدينة، قيل: لأنها الأمان كما قال الداودي. والقرية التي تأكل الثرى كما سلف، ودار الهجرة والتنزيل، ومهبط الوحي، ودار النصرة، ومثوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيا وميتا.

                                                                                                                                                                                                                              فائدة:

                                                                                                                                                                                                                              عند البيهقي: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تبوك جعل النساء والصبيان والولائد يقلن:


                                                                                                                                                                                                                              طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا
                                                                                                                                                                                                                              ما دعا لله داع



                                                                                                                                                                                                                              ثم قال: هذا يذكره علماؤنا عند مقدمه المدينة من مكة [لا أنه لما قدم] المدينة من ثنيات الوداع عند مقدمه من تبوك والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 604 ] فوائد متعلقة بغزوة تبوك:

                                                                                                                                                                                                                              الأولى:

                                                                                                                                                                                                                              قال - عليه السلام - في جهازه للجد بن قيس: "هل لك العام في الأصفر؟ "

                                                                                                                                                                                                                              جلاد بني الأصفر فقال: يا رسول الله، لو تأذن لي ولا تفتني، فأذن له فنزلت: ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني [التوبة: 49] وقال: قوم من المنافقين بعضهم لبعض: لا تنفروا في الحر الآية [التوبة: 81].

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها:

                                                                                                                                                                                                                              أنفق عثمان فيها نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها كما سلف. وجاء البكاءون وهم سبعة يستحملون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا أجد ما أحملكم عليه الآية [التوبة: 92]. وهم: سالم بن عمير، وعلبة بن زيد، وأبو ليلى المازني، وعمرو بن غنمة، وسلمة بن صخر، والعرباض بن سارية، وعبد الله بن مغفل، وقيل غير ذلك، وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم فلم يعذرهم وهم اثنان وثمانون رجلا فيما ذكر ابن سعد، وكان عبد الله بن أبي بن سلول قد عسكر على ثنية الوداع في حلفائه من اليهود والمنافقين .

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة:

                                                                                                                                                                                                                              لما مر - عليه السلام - على الحجر نهى عن الشرب من مائه والتوضؤ به، وأن ما عجن به أطعم الإبل، وأن لا يخرجن أحد منكم الليلة إلا ومعه

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 605 ] صاحب له، ففعلوا إلا أن رجلين خرج أحدهما لحاجته فخنق على مذهبه فدعا له فشفي، وخرج آخر لطلب بعيره، فاحتملته الرياح حتى طرحته بجبلي طيء، فأهدوه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              ولما انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك أتاه يحنة بن رؤبة صاحب أيلة، فصالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعطاه الجزية، وأتاه أهل جرباء وأذرع فأعطوه الجزية، وكتب فيهم كتابا فهو عندهم، وكتب ليحنة بالمصالحة أيضا.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وبعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة -كما ساقه ابن إسحاق- فأخذ وحقن دمه وصولح على الجزية، وقتل أخوه حسان وكانت بدومة الجندل بينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              ولما انصرف من تبوك راحلا إلى المدينة مر بوادي المشقق وبه ماء قليل فأمر أن لا يسقى منه حتى يأتي، فسبق، فدعا على فاعله، ثم وضع يده الكريمة فيه ودعا فبقى له حس كالصواعق فشربوا واستقوا وذكر أن له لسانا.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: مات عبد الله ذو البجادين المزني، ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قبره ودلاه أبو بكر وعمر فلما دفناه كشفه قال: "اللهم إني قد أمسيت راضيا عنه فارض عنه". قال عبد الله بن مسعود: يا ليتني كنت أنا هو.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 606 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              ثم أمر بهدم مسجد الضرار كما مر فهدم وحرق، ونزلت فيه الآية.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              ولما قدم المدينة من تبوك في رمضان، قدم عليه ذلك الشهر وفد ثقيف وأسلموا. كما ساقه ابن إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وذكر ابن إسحاق قدوم ضمام بن ثعلبة وإسلام قومه، وقدوم الجارود بن بشر بن المعلا في وفد عبد القيس، وكان نصرانيا ، وقد سلف قدوم بني حنيفة وفيهم مسيلمة الكذاب.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقدم زيد الخيل بن المهلهل الطائي كما ساقه ابن إسحاق ، وسلف وفد عدي بن حاتم .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقدم فروة بن مسيك المرادي كما ساقه ابن إسحاق ، وعمرو بن معدي كرب، وقدم الأشعث بن قيس في ثمانين راكبا من كندة فقال - عليه السلام -: "ألم تسلموا؟ " قالوا: بلى. ثم ارتد الأشعث بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أسلم وشهد القادسية وغيرها ومات بالكوفة بعد الأربعين.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 607 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرد بن عبد الله الأزدي في وفد الأزد فأمره على من أسلم من قومه ويجاهد ففعل وقدم عليه كتاب ملوك حمير، ورسولهم إليه بإسلامهم الحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال، والنعمان قيل ذي رعين، ومعافر وهمدان، وبعث إليه زرعة ذو يزن بإسلامهم، فكتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابا طويلا مشتملا على أحكام.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              [وقدم] فروة بن عمرو الجذامي رسولا بإسلامه وأهدى له بغلة بيضاء ثم قتله الروم. ثم بعث خالد بن الوليد في ربيع الآخر وجمادى الأولى سنة عشر إلى بني الحارث بن كعب بنجران، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام فأسلموا.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقدم في هدنة الحديبية قبيل خيبر رفاعة بن زيد الجذامي، وأهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلاما، فأسلم وحسن إسلامه، وكتب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابا إلى قومه .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقدم وفد همدان مرجعه من تبوك فكتب لهم، وقدم وفد تجيب، وهم من السكون ثلاثة عشر رجلا قد ساقوا معهم صدقات أموالهم فأمرهم بردها في فقرائهم، قالوا: ما قدمنا عليك إلا بما فضل عن فقرائنا، فكتب لهم وأجازهم، ودعا لذلك الكلام منهم وأجازه،

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 608 ] فحسن حاله .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقدم وفد ثعلبة سنة ثماني مرجعه من الجعرانة أربعة نفر فأجازهم، وقدم بنو سعد هزيم من قضاعة في سنة تسع ذكره الواقدي، قال ابن سالم في "الاكتفاء": ولما رجع من تبوك قدم عليه وفد فزارة بضعة عشر رجلا منهم خارجة بن حصن وشكوا السنة فدعا لهم.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقدم وفد بني أسد وهم عشرة رهط فيهم وابصة بن معبد، وطليحة بن خويلد وذكر الواقدي قدوم وفد بهراء من اليمن ثلاثة وعشرون رجلا فأسلموا. وقدم وفد غدرة في صفر سنة تسع اثنى عشر رجلا فيهم حمزة بن النعمان وأخبروا خبرهم وأنه ليس عليهم إلا الأضحية، وقدم وفد بلي في ربيع الأول من السنة المذكورة، فأسلموا وسأله أبو الضباب شيخ الوفد عن أمور منها الضالة من الغنم توجد بالفلاة، فقال: "هي لك أو لأخيك أو للذئب"، وعن البعير، فقال: "مالك وله دعه حتى يجده صاحبه" وأجازهم.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقدم وفد بني مرة ثلاثة عشر رجلا رأسهم الحارث بن عوف، فدعا

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 609 ] لبلادهم وأجازهم، وقدم وفد خولان (ستة عشر مؤمنين) ، وقال لهم: "إنه من زارني في المدينة كان في جواري يوم القيامة" وأمرهم بهدم صنم خولان فهدموه .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقدم وفد محارب عام حجة الوداع، وهم أغلظ العرب وأفظهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تلك المواسم أيام عرضه نفسه على القبائل يدعوهم إلى الله، فجاء منهم عشرة نائبين عمن ورائهم من قومهم، فأسلموا وعرف رجل منهم فأنه كان يؤذيه، واستغفر له، وقال: "إن الإسلام يجب ما كان قبله من الكفر" .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقدم وفد صداء في سنة ثمان عند انصرافه من الجعرانة، وأسلموا، وقدم وفد غسان في رمضان سنة عشر ثلاثة عشر نفرا ، فأسلموا، وقد وفد سلامان سبعة نفر، فيهم حبيب ابن عمرو فأسلموا، وكان في شوال سنة عشر فيما ذكره الواقدي، وقدم وفد بني عبس، فسألهم عن خالد بن سنان: "هل له عقب؟ " فقالوا: لا. قال الواقدي: وقدم وفد غامد سنة عشر، فأسلموا فكتب لهم وأجيزوا، وقدم عليه وفد النخع وهم آخر وفد قدموا للنصف من محرم سنة إحدى عشرة في مائتي رجل، فنزلوا دار

                                                                                                                                                                                                                              الأضياف ثم جاءوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقرين بالإسلام وقد كانوا بايعوا معاذ بن جبل .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية