الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4372 [ ص: 383 ] 5 - باب: قوله: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم [الأنفال: 33]

                                                                                                                                                                                                                              4649 - حدثنا محمد بن النضر، حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن عبد الحميد صاحب الزيادي سمع أنس بن مالك قال: قال أبو جهل اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم [الأنفال: 33] فنزلت وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام الآية. [الأنفال: 33، 34] [انظر: 4648 - مسلم: 2796 - فتح: 8 \ 309]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ساق فيه الحديث المذكور عن محمد بن النضر، ثنا عبيد الله به. وأخرجه مسلم عن عبيد الله بن معاذ نفسه، وهو أحد الأحاديث التي يرويها مسلم عن شخص، ويرويها البخاري عن رجل عن ذلك الشخص.

                                                                                                                                                                                                                              وروى عبد بن حميد في "تفسيره" من حديث مجاهد قال: نزلت في النضر بن الحارث بن كلدة، ونقله الواحدي عن الأكثرين.

                                                                                                                                                                                                                              وروى عبد عن قتادة أن هذا قول سفهاء هذه الأمة وجهالها، وقيل: نزلت في مشركي قريش، قاله ابن إسحاق فيما ذكره الطبري .

                                                                                                                                                                                                                              قال مقاتل : وذلك أن النضر لما قال: الذي يقوله محمد أساطير الأولين، قال عثمان بن مظعون : اتق الله فإن محمدا يقول الحق، قال: وأنا أقول الحق، قال: فإن محمدا يقول: لا إله إلا الله، قال:

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 384 ] وأنا أقولها ولكن أقول: الملائكة بنات الرحمن فنزلت: قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين [الزخرف: 81] فقال: صدقني محمد، فقال له الوليد بن المغيرة -وكان فصيحا: لا والله ما صدقك، فلما فطن لها النضر قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية فنزلت: وما كان الله ليعذبهم الآية يعني: يصلون، وذلك أن نفرا من بني عبد الدار قالوا: إنا قوم نصلي عند البيت، فلم يكن الله معذبنا ونحن نصلي فنزلت وما لهم ألا يعذبهم الله إذ ليس بينهم نبي ولا مؤمن، وهم يصدون عن المسجد الحرام المؤمنين، ثم أخبر عن صلاتهم بما سلف.

                                                                                                                                                                                                                              ونقل الواحدي عن المفسرين في قوله: وما كان الله ليعذبهم أي: ما كان الله ليعذب هؤلاء المشركين وأنبياؤهم معهم بين أظهرهم.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن عباس : لم يعذب قرية حتى يخرج النبي منها والذين آمنوا، ويلحق بحيث أمر وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون . أي: ما كان الله معذب هؤلاء الكفار وفيهم المؤمنون يستغفرون، وقيل: منهم من قد سبق له من الله الدخول في الإيمان منهم أبو سفيان بن حرب ، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، والحارث بن هشام ، وحكيم بن حزام وجماعة، واختاره الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                              والمراد بالتعذيب هنا تعذيب الاستئصال، ثم ذكر المشركين خاصة وأنه معذبهم بالسيف فقال: وما لهم ألا يعذبهم الله [الأنفال: 34]

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 385 ] أي: لا يعذبهم الله بالسيف وهم يصدون عن المسجد الحرام، يعني المؤمنين بمنعهم من الطواف بالبيت وما كانوا أولياءه؛ لأنهم قالوا: نحن أولياؤه، فرد عليهم وقال: إن أولياؤه إلا المتقون .

                                                                                                                                                                                                                              ومنهم من ادعى نسخها بقوله: وما لهم ألا يعذبهم الله ووهاه النحاس ، وقال: سائر العلماء على أنها محكمة.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية