الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4402 [ ص: 434 ] 20 - باب: قوله: لقد جاءكم رسول من أنفسكم الآية [التوبة: 128]

                                                                                                                                                                                                                              4679 - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني ابن السباق أن زيد بن ثابت الأنصاري - رضي الله عنه - وكان ممن يكتب الوحي قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن؛ فيذهب كثير من القرآن، إلا أن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن. قال أبو بكر: قلت لعمر: كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال عمر: هو والله خير. فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله لذلك صدري، ورأيت الذي رأى عمر. قال زيد بن ثابت: وعمر عنده جالس لا يتكلم. فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتتبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن قلت: كيف تفعلان شيئا لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر هو والله خير، فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر، فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال، حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري، لم أجدهما مع أحد غيره لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم [التوبة: 128] إلى آخرهما، وكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر.

                                                                                                                                                                                                                              تابعه عثمان بن عمر والليث، عن يونس، عن ابن شهاب. وقال الليث: حدثني عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب وقال: مع أبي خزيمة الأنصاري. وقال موسى:

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 435 ] عن إبراهيم، حدثنا ابن شهاب: مع أبي خزيمة. وتابعه يعقوب بن إبراهيم عن أبيه. وقال أبو ثابت: حدثنا إبراهيم وقال: مع خزيمة، أو أبي خزيمة. [انظر: 2807 - فتح: 8 \ 344]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه: حدثنا أبو اليمان، أنا شعيب، عن الزهري ، أخبرني ابن السباق -وهو عبيد- أن زيد بن ثابت الأنصاري وكان ممن يكتب الوحي -قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر ، فقال أبو بكر : إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن.

                                                                                                                                                                                                                              وفي آخره: حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري، لم أجدهما مع أحد غيره لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم [التوبة: 128] إلى آخرهما، وكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر .

                                                                                                                                                                                                                              ثم قال: تابعه عثمان بن عمر والليث ، عن يونس، عن ابن شهاب . وقال الليث : حدثني عبد الرحمن بن خالد ، عن ابن شهاب وقال: مع أبي خزيمة الأنصاري. وقال موسى: عن إبراهيم، حدثنا ابن شهاب : مع أبي خزيمة. وتابعه يعقوب بن إبراهيم عن أبيه. وقال أبو ثابت: حدثنا إبراهيم، وقال: مع خزيمة، أو أبي خزيمة.

                                                                                                                                                                                                                              قلت: أما متابعة عثمان فأخرجها أبو بكر عبد الله بن سليمان الأشعث : حدثنا محمد بن يحيى ثني عثمان به.

                                                                                                                                                                                                                              وتعليق موسى أسنده البخاري في الأحكام عن موسى.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 436 ] وقوله: (وتابعه يعقوب عن أبيه) يريد المتابعة في أبي خزيمة، لكن ابن أبي داود لما ذكر حديث يعقوب هذا عن أبيه، عن ابن شهاب ، عن ابن السباق، عن زيد قال في الحديث: حتى وجدت آخر سورة التوبة مع خزيمة بن ثابت .

                                                                                                                                                                                                                              وتعليق أبي ثابت أخرجه في الأحكام عنه -واسمه محمد بن عبيد الله ، مولى عثمان بن عفان - وأخرجه مسلم دونه من حديث جعفر بن عون ، عن إبراهيم بن إسماعيل الأنصاري، عن الزهري به.

                                                                                                                                                                                                                              وخزيمة بن ثابت شهد أحدا، وما بعدها، ذو الشهادتين، شهد صفين ممسكا عن القتال، فلما قتل عمار ، قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لعمار: "تقتلك الفئة الباغية" فجرد سيفه وقاتل حتى قتل، وهو صاحب آية الأحزاب كما سيأتي، وكان ابنه عمارة فقيها راوية، وولده خزيمة بن عمارة، وخزيمة صاحب الترجمة له أخوان: عبد الله ، ووحوح لا عقب له.

                                                                                                                                                                                                                              وأبو خزيمة هذا هو ابن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، وهم بنو اللات بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج، شهد بدرا وما بعدها من المشاهد وتوفي في خلافة عثمان ، وليس له

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 437 ] عقب، وأخوه أبو محمد مسعود بن أوس الذي كان يزعم أن الوتر واجب، شهد بدرا وما بعدها، وتوفي في خلافة عمر ، وقيل: إنه شهد صفين مع علي، وليس له عقب، وهو صاحب هذه الآية.

                                                                                                                                                                                                                              وأكثر روايات خزيمة بغير شك، وادعى ابن الجوزي وهم رواية أبي خزيمة فليس بحديثه. ولما ذكر الحميدي هذا الحديث في مسند الصديق [قال]: المسند منه قول الصديق لزيد : قد كنت تكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              ولما ذكر خلف أن أبا مسعود قال: رواه البخاري من جميع طرقه عن الزهري ، قال: خارجة بن زيد وابن السباق عن زيد. قال: ليس كما قال، إنما رواه البخاري من حديث عبيد وحده؛ لأن حديث خارجة عنده إنما هو في فقد آية من الأحزاب، فوجدها مع خزيمة من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه [الأحزاب: 23] كما ستعلمه في موضعه، ولا اضطراب فيهما؛ لأن آية التوبة وجدها أيام الصديق ، وآية الأحزاب وجدها أيام عثمان كما صرح به أحمد بن ( خالد ) في "مسنده" وغيره.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              هذه الآية لقد جاءكم رسول الآية، قال أبي بن كعب : هي

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 438 ] آخر ما نزل من القرآن
                                                                                                                                                                                                                              صححه الحاكم على شرط الشيخين، زاد القاضي إسماعيل: إلى آخر السورة، وروى ابن مردويه في "تفسيره" من حديث مجالد عن زياد بن علاقة، عن قطبة بن مالك ، عن سعد بن أبي وقاص قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فجاءه قوم من جهينة فقالوا: إنك نزلت بين أظهرنا فأوثق لنا. قال: "ولم سألتم بهذا؟ " قالوا: نطلب الأمن فأنزل الله تعالى هذه الآية لقد جاءكم رسول من أنفسكم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي داود عن أبي العالية قال: كان رجال يكتبون ويملي عليهم أبي بن كعب في خلافة أبي بكر ، فلما انتهوا إلى قوله: صرف الله قلوبهم الآية ظنوا أنها آخر ما نزل من القرآن، فقال أبي: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرأني بعدها: لقد جاءكم إلى آخر السورة، فهذا آخر ما نزل.

                                                                                                                                                                                                                              وفي "تفسير ابن مردويه " قال: ختم الأمر بما فتح به: لا إله إلا الله، يقول الله: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون [الأنبياء: 25].

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              السبعة على ضم الفاء، أي: من جلدتكم وقبيلتكم ونسلكم.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن عباس : ليس في العرب قبيلة إلا ولدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضرها وربيعها ويمنها. وقيل: أي من نكاح لا من سفاح، وقد

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 439 ] أخبر به كذلك. وقيل: أي: بشر مثلكم ليس من جنس الملائكة، وقرأ ابن عباس وغيره بفتح الفاء من النفاسة، أي: أفضلكم خلقا وأشرفكم نسبا وأكثركم طاعة.

                                                                                                                                                                                                                              فائدة: جمعت هذه الآية ست صفات لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرسالة والنفاسة والعزة، وهو المنع الغالب الشديد. والعنت: المشقة. وقال ابن الأنباري : أصله التشديد، وقال الضحاك : الإثم، وقال ابن أبي عروبة: الضلال. وقيل: الضر، وقيل: الهلاك. ومعناه: عزيز عليه أن تدخلوا النار.

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة:

                                                                                                                                                                                                                              حرصه على إيصال الهداية إليكم في الدنيا والآخرة، وقيل: حريص عليكم لتؤمنوا، وقيل: حريص على دخولكم الجنة: رءوف رحيم : فعول من الرأفة والرحمة، قال الحسن بن الفضل: لم يجمع الله لنبي من الأنبياء اسمين من أسمائه إلا الرسول، حيث قال: بالمؤمنين رءوف رحيم وقال: إن الله بالناس لرءوف رحيم [البقرة: 143].

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              مقتل أهل اليمامة سنة اثنتي عشرة من الهجرة، سميت اليمامة باسم المصلوبة على بابها التي كانت تبصر من مسيرة ثلاثة أيام، وتعرف بالزرقاء لزرقة عينها، واسمها عنز، ومن أسمائها حواء، قال عياض: والعروض بفتح العين المهملة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 440 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              معنى (يستحر القتل): يشتد ويكثر، استفعل من الحر، وذلك أن المكروه يضاف إلى الحر، والمحبوب يضاف إلى البرد، ومنه المثل: ول حارها من تولى قارها.

                                                                                                                                                                                                                              وقتل بها من المسلمين ألف وأربعمائة منهم سبعون جمعوا القرآن.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قول الصديق : (فقلت لعمر : كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟) هو كلام من يؤثر الاتباع ويخشى الابتداع، وإنما لم يجمعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان بمعرض أن ينسخ أو يزاد فيه، فلو جمعه لكتب فكان من عنده نقصان ينكر على من عنده زيادة، فلما أمن هذا الأمر بموته جمعه الصديق .

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى (تتبعت القرآن): تتبعت وجوهه وقراءته، وسأل عنها غيره ليحيط بالأحرف السبعة الذي نزل به، ويعلم القراءة التي هي غير قراءته.

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي داود من حديث هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر قال لعمر ولزيد: اقعدا فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه.

                                                                                                                                                                                                                              وعند الثعلبي عن يحيى بن جعدة قال: كان عمر بن الخطاب لا يثبت آية في الصحف حتى يشهد عليها رجلان، فجاءه رجل من الأنصار بالآيتين من آخر براءة، فقال عمر : والله لا أسألك عليها بينة كذلك

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 441 ] كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرؤهما فأثبتهما. وعنه: أشهد لسمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذا روي عن هلال بن أمية وهي آخر آية نزلت من السماء في قول بعضهم، وآخر سورة كاملة سورة براءة. وعن قتادة : آخر عهدنا بالوحي هاتان الآيتان خاتمة سورة براءة لقد جاءكم إلى رب العرش العظيم .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              هذا وما سلف يدفع قول من اعترض وقال: كيف يثبت القرآن بخبر واحد؟ لأن عمر وهلالا وأبيا وزيدا وأبا خزيمة وخزيمة شهدوا بها، فلئن سلمنا ما قالوا -ولا نسلمه- فخزيمة أذكرهم ما نسوه، ولهذا قال زيد: وجدتها مع خزيمة -يعني: مكتوبة- ولم يقل: عرفني أنها من القرآن مع تصريح زيد بأنه سمعها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو يقال: إن خزيمة جعل الشارع شهادته بشهادتين، فإذا شهد في هذا وحده كان كافيا، ولعل هذا هو المراد من شهادته، كأن الله أطلع نبيه على هذا الأمر بعده، وأنه يحتاج إليه في شيء لا يوجد إلا عنده ويكتفي به. وهو من أعلام نبوته، وأما ما ذكره ابن التين من قوله لخزيمة لما جعل شهادته بشهادتين لا يعد يحتاج إلى تثبت، ويجوز أن يكون زيد سألهما ليقف على وجوه القراءة فيهما لا على وجدانهما.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 442 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              عثمان - رضي الله عنه - لم يصنع في القرآن شيئا، وإنما أخذ الصحف التي حفظها عمر عند حفصة وأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن الحارث بن هشام وسعيد بن العاصي وأبي بن كعب في اثني عشر رجلا من قريش والأنصار، فكتب منها مصاحف وسيرها إلى الأمصار؛ لأن حذيفة أخبره بالاختلاف في ذلك، فلما توفيت حفصة أخذ مروان بن الحكم تلك الصحف فغسلها وقال: أخشى أن يخالف بعض القرآن بعضا، وفي لفظ: أخاف أن يكون فيه شيء يخالف ما نسخ عثمان . وإنما فعل عثمان هذا ولم يفعله الصديق ولا عمر ؛ لأن غرض أبي بكر كان جمع القرآن بجميع حروفه ووجوهه التي نزل بها وهي على لغة قريش وغيرها، وكان غرض عثمان تجريد لغة قريش من تلك الغرائب، وقد جاء ذلك تصريحا به من قول عثمان لهؤلاء الكتاب، فجمع أبي بكر غير جمع عثمان ، وقصد بإحضار المصحف -وقد كان زيد ومن أضيف إليه حفظوه- سد باب المقالة، وأن يزعم زاعم أن في الصحف قرآنا لم يكتب، ولئلا يرى إنسان فيما كتبوه شيئا مما لم يقرأ به فينكره، فالصحف شاهدة بصحة جميع ما كتبوه.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قوله: (أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال) الرقاع: جمع رقعة تكون من ورق ومن جلد وشيء شبهه. والأكتاف جمع كتف: وهو عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان ينشف ويكتب فيه، والعسب جمع عسيب: وهو أصل جريد النخل العريض منه كانوا يكشطون طرفها ويتخذونها عصا وكانوا يكتبون في طرفها العريض.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 443 ] وقال ابن فارس : عسيب النخل كالقضبان لغيره.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الداودي : هي العيدان التي يمكن القراءة فيها، وذكر في التفسير، واللخاف وهو بالخاء المعجمة: وهي حجارة بيض رقاق واحدتها لخفة، وقال الأصمعي فيها: عرض ورقة، وقيل: الخزف.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              (لم أجدها مع أحد غيره). قيل: يريد وجدها عنده مكتوبة، وقد كان القرآن مؤلفا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدور الرجال. هذا التأليف الذي يشاهد، إلا سورة براءة كانت من آخر ما نزل لم يبين الشارع موضعها، ذكره ابن التين، قال: وبيانه في خبر ابن عباس : قلت لعثمان : ما حملكم على أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين وإلى الأنفال وهي من المثاني فقرنتم بينهما ولم تجعلوا بينهما البسملة ووضعتموها في السبع الطوال؟ فقال عثمان : كان - عليه السلام - تنزل عليه الآيات فيقول: "ضعوها في موضع كذا". وكانت الأنفال أول ما نزل عليه بالمدينة وبراءة آخر ما نزل عليه من القرآن، وكانت تشبه قصتها، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يبين أمرها، وظننت أنها منها، فمن أجل ذلك جعلتها في السبع الطوال.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية