الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4954 5253 - وقال أبو معمر: حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: حسبت علي بتطليقة. [انظر: 4908 - مسلم: 1471 - فتح: 9 \ 351].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، ثنا أنس بن سيرين قال: سمعت ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: طلق ابن عمر امرأته وهي حائض، فذكر عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ليراجعها". قلت: تحتسب؟ قال: "فمه". وعن قتادة، عن يونس بن جبير، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "مره فليراجعها". قلت: تحتسب؟ قال: أرأيت إن عجز واستحمق؟ وقال أبو معمر: ثنا عبد الوارث، ثنا أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: حسبت علي بتطليقة.

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أنس بن سيرين عن ابن عمر أخرجه مسلم أيضا . قوله: (وعن قتادة). هو معطوف على سند سليمان بن حرب، وبه صرح أصحاب الأطراف; حيث قالوا: أخرجه عن سليمان، عن شعبة، عن قتادة. وقد أخرجه مسلم والأربعة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 196 ] وقوله: (وقال أبو معمر)، إلى آخره. قال أبو نعيم في "مستخرجه" بعد أن أسنده: رواه البخاري عن أبي معمر -يعني: عبد الله بن عمرو المنقري- عن عبد الوارث.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (فمه). هذه هاء السكت دخلت على (ما) التي هي للاستفهام، كأنه قال: فما يكون إن لم تحتسب بتلك التطليقة.

                                                                                                                                                                                                                              والعرب تبدل الهاء من الألف; لقرب مخرجهما، كقولهم: ومهما يكن عند امرئ من خليقة. والأصل: وما يكون عند امرئ، فأبدلت الهاء من الألف، وقد أبدلت الهاء من أخت الألف من قولهم: هذه، وإنما أرادوا هذي، كما أبدلت الياء من الهاء في قولهم: دهديت الحجر. والأصل: دهدهت، وقالوا: دهدهة الجمل، دهدوة، وإنما اجتمعت الياء والألف والواو والهاء في بدل بعضها من بعض; لتشابهها، ولأجل تشابهها اجتمعن في أن يكن ضمائر، وفي أن يكن وصلا في القوافي. وقد أبدلت الهاء من الهمزة في قولهم: أرقت وهرقت، وإياك وهياك، وأرجت وهرجت.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (إن عجز واستحمق). أي: فهل يكون إلا ذلك، أي: أرأيت إن عجز في المراجعة التي أمر بها عن إيقاع الطلاق. واستحمق: أي: فقد عقله، فلم تكن منه الرجعة، أتبقى معلقة لا ذات زوج ولا مطلقة؟ وقد نهى الله تعالى عن ترك المرأة في هذه الحالة، فلابد أن تحتسب بتلك التطليقة التي أوقعها على غير وجهها، كما لو عجز عن فرض آخر لله تعالى فلم يقمه، واستحمق لم يأت به، أكان يعذر بذلك ويسقط عنه؟ وهذا إنكار على من شك أنه لم يعتد بتلك التطليقة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 197 ] وقد روى قتادة، عن يونس بن جبير قال: قلت لابن عمر - رضي الله عنهما -: أجعل ذلك طلاقا؟ قال: إن كان ابن عمر عجز واستحمق فما يمنعه أن يكون طلاقا؟

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قد سلف في الباب قبله أن الطلاق في الحيض مكروه واقع عند جماعة الفقهاء، ولا يخالفهم في ذلك إلا طائفة مبتدعة، لا يعتد بخلافها، فقالوا: لا يقع فيه، ولا في طهر جامعها فيه. وقد سلف عن أهل الظاهر، وهو شذوذ لا يقدح فيما عليه العلماء، وصاحب القصة احتسبها وأفتى به .

                                                                                                                                                                                                                              وقد أسلفنا أيضا أن في أمره بالمراجعة دليلا على ذلك، إذ لا رجعة إلا بعد طلاق. قال تعالى: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك [البقرة: 228] يعني: في العدة، ولا يقال مثله في الزوجات غير المطلقات.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية