الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5609 5953 - حدثنا موسى، حدثنا عبد الواحد، حدثنا عمارة، حدثنا أبو زرعة قال: دخلت مع أبي هريرة دارا بالمدينة، فرأى أعلاها مصورا يصور، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة، وليخلقوا ذرة". ثم دعا بتور من ماء فغسل يديه حتى بلغ إبطه، فقلت: يا أبا هريرة، أشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال: منتهى الحلية. [ 7559 - مسلم: 2111 - فتح: 10 \ 385]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث عائشة - رضي الله عنها - : حدثته أنه - عليه السلام - لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه.

                                                                                                                                                                                                                              وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة، وليخلقوا ذرة". ثم دعا بتور من ماء فغسل يديه حتى بلغ إبطيه، فقلت: يا أبا هريرة، أشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال: منتهى الحلية.

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              في حديث عائشة - رضي الله عنها - حجة لمن كره الصور في كل شيء مما يمتهن ويوطأ وغيره; لعموم قول عائشة - رضي الله عنها - ، فدخل في ذلك جميع وجوه استعمال الصور في البسط واللباس وغيره.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (إلا نقضه) ادعى الخطابي أن في سائر الروايات: إلا (قضبه) أي: قطعه.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 198 ] والتصاليب: أشكال الصليب، نهى عن الصلاة في الثوب (المصلب) . أي: الذي فيه نقش (أمثال الصلبان) ، وإنما فعل ذلك; لأن النصارى يعبدون الصليب، فكره أن يكون منه شيء في بيته .

                                                                                                                                                                                                                              وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - دليل على أن نهيه - عليه السلام - عن الصور; يحمل معناه عندهم على العموم أيضا في الحيطان والثياب وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("ومن أظلم .. ") إلى آخره هو في معنى حديث لعنه، وصفه بأشد الظلم، وقد قال الله تعالى: ألا لعنة الله على الظالمين [هود: 18] فعمت اللعنة كل من وقع عليه اسم ظالم من مصور وغيره.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              والتور: بفتح المثناة فوق: إناء يشرب منه.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (فغسل يديه) قال الداودي: فغسلهما تبرما من إثم ما رأى، والظاهر أنه حكى صفة حال أنه أتي بماء فتوضأ.

                                                                                                                                                                                                                              قال: وقوله: (منتهى الحلية) كأنه أضافه إلى نفسه، والظاهر أنه أراد أنه - عليه السلام - قال: يحلون في الجنة إلى منتهى الوضوء وكنى بالحلية عن الغرة والتحجيل.

                                                                                                                                                                                                                              ووقع في كتاب ابن بطال: أن وضوء أبي هريرة إلى إبطه ليس عليه العمل، وأجمعت الأمة أنه لا يتجاوز بالوضوء ما حده الله من المرفقين ، وقد رددنا ذلك عليه في كتاب الطهارة.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية