الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5849 6202 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس - رضي الله عنه - قال: كانت أم سليم في الثقل، وأنجشة غلام النبي - صلى الله عليه وسلم - يسوق بهن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " يا أنجش، رويدك سوقك بالقوارير". [انظر: 6149 - مسلم: 2323 - فتح: 10 \ 581]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث عائشة - رضي الله عنها - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام". قالت: وعليه السلام ورحمة الله، وهو يرى ما لا نرى.

                                                                                                                                                                                                                              وحديث أنس - رضي الله عنه - ، قال - عليه السلام - لأنجشة: "يا أنجش، رويدك سوقك بالقوارير".

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              وأما قوله: ("يا أبا هر") فليس من باب الترخيم - كما ذكره ابن بطال وغيره - وإنما هو نقل اللفظ من التصغير والتأنيث إلى التكبير والتذكير; لأن أبا هريرة كناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتصغير هرة كانت له، فخاطبه باسمها مذكرا مكبرا، فهو وإن كان نقصانا من اللفظ، ففيه زيادة في المعنى، (ويجوز أن يكون لما حذفت الهاء في آخره

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 622 ] صار مرخما; لأن الأصل: يا أبا هرة، وهريرة تصغيرها. وذكر ابن عساكر: أنه كان يكره تصغيره ويقول: كناني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأبي هر. والذي ذكره ابن إسحاق وأبو عمر وغيرهما أنه - عليه السلام - كناه بأبي هريرة، وقيل: كناه والده بذلك) .

                                                                                                                                                                                                                              والهر: السنور، وجمعه: هررة، مثل: قرد وقردة.

                                                                                                                                                                                                                              وأما قوله: "يا عائش" و"يا أنجش" من باب النداء المرخم.

                                                                                                                                                                                                                              والترخيم: نقصان أواخر الأسماء، تفعل ذلك العرب على وجه التخفيف، ولا يرخم ما ليس منادى إلا في ضرورة الشعر. ولا يرخم من الأسماء ما كان على ثلاثة أحرف ساكن الوسط مثل: عمرو وفلس، لأن الثلاثة أقل (الأصول) ، إلا ما كان في آخره هاء التأنيث; فإنه يرخم، قلت حروفه أو كثرت. واختلف فيما إذا كان وسطه متحركا مثل: عمر وجمل، فمنع البصريون تصريفه، وأجازه الكوفيون، ويجوز في عائش وأنجش ضم الشين وفتحها، وكذا يا مال أقبل، ويا حار (للحارث) ، وفي ترخيم جعفر يا جعف أقبل، فتحذف الراء ويدع ما قبلها على حركته، وقرأ الأعمش: (ونادوا يا مال) ووجه ترخيمهم أنهم ذهبت قواهم، ولم تبلغ شكواهم، فضعفوا عن تتميم نداء مالك خازن النار.

                                                                                                                                                                                                                              وترخيم ما فيه تاء التأنيث مثل عائشة وفاطمة أكثر من غيره; لأن تاء التأنيث يلحقها الحذف، بدليل سقوطها من التكسير والنسب.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 623 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (كانت أم سليم في الثقل). وهو بتحريك الثاء والقاف، وهو متاع المسافر، وروي بكسر الثاء، قال ابن التين: والأول هو الذي قرأناه.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية