الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5969 6328 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: كنا نقول في الصلاة: السلام على الله، السلام على فلان. فقال لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم: "إن الله هو السلام، فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله -إلى قوله الصالحين- فإذا قالها أصاب كل عبد لله في السماء والأرض صالح أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. ثم يتخير من الثناء ما شاء". [انظر: 831 - مسلم: 402 - فتح: 11 \ 131]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه ثلاثة أحاديث:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث الصديق - رضي الله عنه - أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: علمني دعاء (أدع) به في صلاتي.. الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 236 ] سلف في الصلاة.

                                                                                                                                                                                                                              وقال عمرو بن الحارث، عن يزيد، عن أبي الخير: إنه سمع عبد الله بن عمرو: قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - للنبي - صلى الله عليه وسلم -.

                                                                                                                                                                                                                              هذا أخرجه الإسماعيلي عن أبي يعلى: أنا هارون بن معروف، ثنا ابن وهب، أخبرني عمرو -وهو ابن الحارث- عن يزيد، به سواء.

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث عائشة - رضي الله عنها -: ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها [الإسراء: 110] أنزلت في الدعاء. وقد سلف أيضا.

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي وائل، عن عبد الله قال: كنا نقول في الصلاة: السلام على الله.. الحديث سلف، وفي آخره: "فليتخير من الثناء ما يشاء".

                                                                                                                                                                                                                              وفيه من الفقه: أن للمصلي أن يدعو الله في جميع صلاته بما بدا له من حاجات دنياه وأخراه، وذلك أنه - عليه السلام - علم الصديق مسألة ربه المغفرة لذنوبه في صلاته، وذلك من أعظم حاجات العبد إلى ربه، فكذلك حكم مسألته إياه سائر حاجاته.

                                                                                                                                                                                                                              وقد روي عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أنه قال: إني لأدعو وأنا ساجد لسبعين أخا من إخواني أسميهم بأسمائهم وأسماء آبائهم.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 237 ] وكان علي - رضي الله عنه - يقول: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده: اللهم بحولك وقوتك أقوم وأقعد. وكان ابن مسعود - رضي الله عنه - يلبي في سجوده، ومعنى: لبيك أجبتك يا رب إلى ما دعوتني إليه إجابة بعد إجابة، وأقمت عندك. وقد سلف من قال به من الفقهاء في الصلاة.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أيضا: الدليل الواضح على تكذيب مقالة من زعم أنه لا يستحق اسم الإيمان إلا من كان لا خطيئة له ولا جرم; لأن أهل الإجرام -زعموا- غير مؤمنين وزعموا أن كبائر الذنوب وصغائرها كبائر، وذلك أن الصديق كان من الصديقين من أهل الإيمان. وقد أمره الشارع أن يقول: "اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا فاغفر لي".

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: دليل أن الواجب على العبد أن يكون على حذر من ربه في كل أحواله، وإن كان من أهل الاجتهاد في عبادته في أقصى غاية، إذ كان الصديق مع موضعه من الدين لم يسلم مما يحتاج إلى استغفار ربه منه.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              في حديث عائشة - رضي الله عنها - تسمية الصلاة دعاء ولا يكاد يقع ذلك للقراءة.

                                                                                                                                                                                                                              قال الأعشى:


                                                                                                                                                                                                                              تقول بنتي وقد أزمعت مرتحلا يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا عليك مثل الذي صليت فاغتمضي
                                                                                                                                                                                                                              يوما فإن لجنب المرء مضطجعا



                                                                                                                                                                                                                              وقيل: إنما قيل للصلاة: دعاء; لأنها لا تكون إلا به، والدعاء صلاة سميت باسمه، وقال غيرها: نزلت في القراءة، فإن المشركين كان إذا قرأ - عليه السلام - سبوا القرآن ومن جاء به ومن أنزله، فصار يخفت به فنزلت.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية