الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1404 الأصل

[ 718 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان أن زيدا أبا عياش أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت؟

فقال له سعد: أيتهما أفضل؟

فقال: البيضاء، فنهاه عن ذلك، وقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن شرى التمر بالرطب؟

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أينقص الرطب إذا يبس؟ فقالوا: نعم، فنهاه عن ذلك .


التالي السابق


الشرح

زيد أبو عياش: تابعي. سمع: سعد بن أبي وقاص. وروى عنه: عمران بن أبي أنس، وعبد الله بن يزيد.

وتكلم بعضهم في أبي عياش وقالوا أنه مجهول، وحكى أبو سليمان الخطابي عن الشافعي أنه قال: ليس الأمر على ما توهموه، بل هو مولى لبني زهرة معروف. وروى عنه: مالك في الموطأ وهو لا يروي عن متروك .

وروى الحديث في بيع الرطب بالتمر عن زيد أبي عياش كما رواه عبد الله بن يزيد: عمران بن أبي أنس، وعن عبد الله بن يزيد كما رواه مالك: إسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وأسامة بن زيد، وعن [ ص: 445 ] مالك كما رواه الشافعي: [أبو عبد الرحمن] القعنبي، ومن روايته أخرجه أبو داود ، وعن أبي عيسى الترمذي أنه حكم بصحته، ورواه عبد الله بن جعفر المديني عن مالك عن داود بن الحصين عن عبد الله بن يزيد، وربما سمعه من داود ثم سمعه من عبد الله فترك داود، يوضحه أن يحيى بن سعيد القطان وعبيد الله بن عبد المجيد روياه عن مالك فقالا: قال حدثني عبد الله بن يزيد.

وقوله: عن البيضاء بالسلت، قيل: البيضاء نوع من البر فيه رخاوة يكون ببلاد مصر، والسلت غير البر، وقيل: المراد بالبيضاء: الرطب من السلت، قال في شرح السنة: وهذا أليق بالحديث ، فإنه شبه الصورة بالرطب والتمر، ولو اختلف الجنس لم يختلف التشبيه وليكن التصوير على هذا فيما إذا بقي في البيضاء من النداوة ما يؤثر زواله في الكيل، وإلا فلا بأس ببيع الحديث بالعتيق من التمر والحبوب.

وقوله: أينقص الرطب إذا يبس، لفظه لفظ الاستفهام ومقصوده التقرير والتنبيه على علة الحكم.

والحديث يدل على أن بيع المطعوم بجنسه وأحدهما رطب [ ص: 446 ] والآخر يابس لا يجوز، وذلك مثل بيع العنب بالزبيب، واللحم الطري بالمقدد، وبه قال مالك وأحمد، وخالف فيه أبو حنيفة.

ولم يجوز الشافعي بيع الرطب بالرطب أيضا; لأنه فهم من الحديث اعتبار التماثل حالة الجفاف والتماثل بينهما حينئذ مجهول، وكذلك لا يجوز بيع اللحم الطري بالطري فإن كانا مقددين جاز كالتمر بالتمر.

وفي الحديث أنهم كانوا يلحقون الصورة بالصورة ويقيسون للاشتراك في المعنى، وأنه يحسن من المفتي أن ينبه على علة الحكم الذي يجيب به ليطمئن نفس السائل إلى الجواب وليلحق بالصورة المسئول عنها غيرها.




الخدمات العلمية