الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1279 بسم الله الرحمن الرحيم

الأصل

[ 746 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا محمد بن علي بن شافع، عن عبد الله بن علي بن السائب، عن نافع بن عجير بن عبد يزيد; أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني طلقت امرأتي البتة ووالله ما أردت إلا واحدة؟

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والله ما أردت إلا واحدة؟

فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة، فردها إليه .


التالي السابق


الشرح

محمد بن علي بن شافع القرشي الشافعي من عمومة الشافعي - رضي الله عنه -، وروى الحديث الشافعي عنه في الأم وقال: حدثني عمي محمد بن علي بن شافع.

روى عن: عبد الله بن علي بن السائب.

وعبد الله: هو ابن علي بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف المطلبي القرشي من رهط الشافعي، وأن عليا أبوه أخو شافع جد الشافعي.

روى عن: نافع بن عجير، وذكر أنه روى عن عثمان. وأنه روى عنه: عمر مولى غفرة، وسعيد بن أبي هلال [ ص: 478 ] .

ونافع: هو ابن عجير بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب من رهط الأولين، يقال: روى عن: علي، وروى عنه: ابنه محمد .

وركانة: هو ابن عبد يزيد بن هشام بن المطلب بن عبد مناف القرشي، صارع النبي - صلى الله عليه وسلم - فصرعه فأسلم، نزل المدينة ومات بها في خلافة معاوية.

روى عنه: ابنه يزيد، وسبطه علي بن يزيد بن ركانة، وأخوه طلحة.

وركانة أخو عبيد بن عبد يزيد الذي يقع في أجداد الشافعي .

والحديث ثابت مشهور، رواه الشافعي في الأم في أحكام القرآن، وسمى المرأة فقال: طلق امرأته سهيمة المزنية البتة وقال في آخره: فطلقها الثانية في زمان عمر والثالثة في زمان عثمان رضي الله عنهما وأخرجه أبو داود في السنن عن ابن السرح وأبي ثور إبراهيم بن خالد عن الشافعي، وأيضا عن محمد بن يونس عن عبد الله بن الزبير عن محمد بن إدريس الشافعي، وروى الحديث الزبير بن سعيد الهاشمي عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده طلق امرأته البتة، وأخرجه من روايته أيضا أبو داود عن أبي الربيع سليمان بن داود عن جرير بن حازم عن الزبير بن سعيد، وأبو عبد الله بن [ ص: 479 ] ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد عن وكيع عن جرير بن حازم، وأبو عيسى الترمذي عن هناد عن قبيصة عن جرير.

واختلف الصحابة فمن بعدهم فيمن طلق امرأته البتة، فعن عمر - رضي الله عنه - أنها تطلق واحدة، وعن علي - رضي الله عنه - أنها تطلق ثلاثا، ويروى عن مالك أنها تطلق ثلاثا إن كانت مدخولا بها، وقال بعضهم: إن نوى واحدة أو اثنتين طلقت واحدة، وإن نوى الثلاث طلقت ثلاثا وبه قال أبو حنيفة.

وقال الشافعي: إن نوى واحدة أو لم ينو شيئا وقعت واحدة، وإن نوى اثنتين أو ثلاثا وقع ما نواه.

والحديث يدل على أنه لا يقع الثلاث، واحتج الشافعي بالحديث على أنه إذا لم يستوف الزوج عدد الطلاق والمرأة مدخول بها ثبتت له الرجعة; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ردها إليه، والمقصود أنه مكنها من الرجعة، وبتقدير أن يكون المراد الرد بنكاح جديد ففيه دليل على جواز التجديد إذا لم يستوف العدد.

واحتج به أيضا في مسألتين أخريين:

إحداهما: أن اليمين المحسوبة في الدعاوى هي الواقعة بعد تحليف القاضي دون ما يبتدئ به الحالف ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكتف بقول ركانة أولا: "والله ما أردت إلا واحدة" حتى حلفه، وقد قيل: إن المرأة كانت تنازعه وتدعي أنه نوى الزيادة على الواحدة.

والثانية: دخول اليمين في دعوى الطلاق خلافا لأبي حنيفة; حيث قال: لا يجري التحليف في الطلاق بالنكاح، وقد روي عن نافع [ ص: 480 ] عن ابن عمر أنه قال: إذا ادعت المرأة الطلاق على زوجها فتناكرا فيمينه بالله ما فعل .




الخدمات العلمية