الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
873 [ 879 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سعيد بن مسلمة، عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن المسيب قال: وهل فلان، ما نكح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة إلا وهو حلال .

التالي السابق


الشرح

يزيد بن الأصم: هو يزيد [بن] عبد عمرو الأصم بن عدس بن معاوية بن عبادة بن البكاء بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، أبو عوف ابن أخت ميمونة بنت الحارث الهلالية، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -.

سمع: ميمونة، وأبا هريرة، معاوية بن أبي سفيان، وابن عباس.

وروى عنه: جعفر بن برقان، والزهري، وأبو فزارة راشد بن كيسان .

ونبيه بن وهب الكعبي من بني عبد الدار، حجازي. سمع: أبان بن عثمان.

وروى عنه: أيوب بن موسى، ونافع، وسعيد بن هلال .

وأبان بن عثمان بن عفان أبو سعيد القرشي الأموي، أخذ الفقه وأحكام القضاء من أبيه، وسمع الحديث منه. وروى عنه: الزهري .

[ ص: 144 ] وسعيد: هو ابن مسلمة بن هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي.

روى عن: إسماعيل بن أمية، وعن جعفر بن محمد، وعبد الله بن حسن. ضعفه البخاري .

وقول يزيد "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكح وهو حلال" يريد أنه نكح ميمونة وهو حلال، ولم يقله عن نفسه إنما نقله عن ميمونة، ففي صحيح مسلم عن أبي بكر بن [أبي] شيبة عن يحيى بن آدم عن جرير بن حازم عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم قال: [حدثتني] ميمونة بنت الحارث; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال.

قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس .

وهكذا رواه ميمون بن مهران عن يزيد عن ميمونة.

وقول عمرو لابن شهاب: أتجعل يزيد بن الأصم إلى ابن عباس" يريد أتضمه إليه وتقابله به، وذلك أن عمرا قال لابن شهاب: أخبرني أبو الشعثاء عن ابن عباس; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نكحها وهو محرم.

فروى الزهري عن يزيد أنه - صلى الله عليه وسلم - نكحها وهو حلال، فحاول عمرو ترجيح رواية ابن عباس بما قاله إشارة إلى أن ابن عباس أفضل وأولى [ ص: 145 ] بأن يؤخذ بقوله وروايته، ولكن الشافعي رجح ما رواه يزيد; لأنه رواه عن ميمونة وحديث ابن عباس مرسل; فإنه لم يصحب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بعد السفر الذي نكح فيه ميمونة، وكان قد نكحها في عمرة القضية.

قال: ولئن كان لابن عباس قرابة منها به منها فليزيد قرابة مثلها، وسليمان بن يسار مولاها أيضا فيكونان واقفين على الحال .

ويؤيده حديث عثمان وهو صحيح أورده مسلم من رواية سفيان ومالك جميعا، وروي عن عمر وعلي رضي الله عنهما رد نكاح المحرم، وبمثله قال زيد بن ثابت، ويؤيده أن سعيد بن المسيب نسب ابن عباس فيه إلى الخطأ.

وقوله: "وهل فلان" يريده، ويجوز في "وهل" كسر الهاء وفتحها، يقال: وهلت في الشيء وعن الشيء أوهل وهلا إذا غلطت فيه وسهوت، ووهلت بالفتح [أوهل] وهلا إذا ذهب وهمك إليه وأنت تريد غيره، ووهل يوهل أيضا: فزع، والوهل: الفزع.

وحديث سليمان بن يسار قد رفعه بعضهم، فروى أبو نعيم عن حماد بن زيد عن مطر عن ربيعة عن سليمان بن يسار عن أبي رافع قال: تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة حلالا وبنى بها حلالا، وكنت أنا الرسول بينهما .

[ ص: 146 ] وقوله: "بعث أبا رافع مولاه ورجلا من الأنصار فزوجاه ميمونة والنبي - صلى الله عليه وسلم – بالمدينة" المعنى بعثهما وهو بالمدينة، فأما النكاح فإنه جرى والنبي - صلى الله عليه وسلم - بسرف; لأن في رواية ميمون بن مهران عن يزيد بن الأصم عن خالته ميمونة بنت الحارث زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها حدثته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها حلالا وبنى بها حلالا، تزوجها وهو بسرف .

وقوله: "فزوجاه ميمونة" أي: جعلاها زوجا له وذلك يحتمل من جهة اللفظ أن يراد به تسببهما إليه بالرسالة والخطبة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن يراد به مباشرتهما النكاح بالوكالة، وقد روي أن أبا رافع كان وكيلا من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - في نكاحها، واحتج به على جواز التوكيل في النكاح.




الخدمات العلمية