الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
116 [ ص: 233 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

الأصل

[ 86 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك بن أنس، عن عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه، أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خمس صلوات في اليوم والليلة".

فقال: هل علي غيرها؟

قال: "لا، إلا أن تطوع".
.

التالي السابق


الشرح

أبو سهيل: هو نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، عم مالك بن أنس، وأخو الربيع بن مالك.

سمع من الصحابة: ابن عمر، وسهل بن سعد، ومن التابعين: أباه، والقاسم بن محمد، وعلي بن الحسين.

وروى عنه: الزهري، ومالك ابن أخيه، وإسماعيل بن جعفر.

وأبوه مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني، أبو أنس حليف عثمان بن عبيد الله التيمي.

روى عن: عمر، وعثمان، وطلحة بن عبيد الله، وأبي هريرة، وعائشة.

وروى عنه: سالم أبو النضر، سليمان بن يسار، ومحمد بن [ ص: 234 ] إبراهيم التيمي.

توفي سنة اثنتي عشرة ومائة.

وطلحة: هو ابن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشي أبو محمد، أحد العشرة المبشرين بالجنة، والستة المسمين في الشورى، وسماه طلحة الخير وطلحة الجود وطلحة الفياض ولم يشهد بدرا؛ لأنه كان بالشام حينئذ فقدم بعدما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بدر فضرب له بسهمه، وشهد أحدا وثبت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحسنت آثاره فيه، وكان أبو بكر - رضي الله عنه - يقول: يوم أحد كله لطلحة.

روى عنه: السائب بن يزيد، وقيس بن أبي حازم، وأبو عثمان النهدي.

قتل سنة ست وثلاثين يوم الجمل، ويذكر أنه أصابه سهم في حلقه فقال: بسم الله وكان أمر الله قدرا مقدورا

والحديث مدون في الصحاح أخرجه البخاري عن إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل، ومسلم عن قتيبة عن مالك، وأبو داود عن القعنبي عن مالك.

وقوله: إلا أن تطوع أي: تتطوع، يقال: تطوع بكذا أي: تبرع به وفعله بطواعيته بلا تكليف، ويجوز أن يقرأ تطوع بتشديد الطاء والواو [ ص: 235 ] وهو بمعنى تطوع أيضا، قال تعالى: الذين يلمزون المطوعين وأصل مطوع متطوع فأدغم.

وقوله: خمس صلوات في اليوم والليلة يعني: المكتوبات، وظاهر الحديث يفسر الإسلام بالصلوات الخمس، وليس المقصود الصلاة وحدها، بل صيام رمضان وغيره من أركان الإسلام والأعمال الظاهرة داخلة فيه كما ورد في سائر الروايات، لكن الصلاة أعظمها وأهمها فاقتصر في هذه الرواية على ذكرها، وفيه نفي وجوب ما سوى الخمس ويدخل فيه الوتر، وكلمة إلا أن تطوع كالاستثناء المنقطع؛ لأن ما يتطوع به الإنسان لا يوصف بأنه عليه حتى يحتاج إلى استثنائه، ويجوز أن يقدر المعنى: إلا أن تتطوع بالتزام ما وراء الخمس بالنذر فيكون عليك.

والحديث لا تعلق له بباب الاستقبال، لكن الشافعي صدر كتاب الصلاة في الأم بباب الاستقبال ثم اندفع في سائر الأبواب، فالتقط أبو العباس الأحاديث على ترتيبه من غير أن يتعرض لترجمة الأبواب.




الخدمات العلمية