الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
20 [ ص: 107 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

الأصل

[ 22 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن نافع، عن زيد بن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " "الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم". .

التالي السابق


الشرح

زيد بن عبد الله أحد بني عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المدني، سمع أباه.

وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر سبط أبي بكر الصديق التيمي المدني.

سمع: أم سلمة.

وروى عنه: عثمان بن مرة البصري أو المكي، وزيد.

وأم سلمة: هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومية القرشية إحدى أمهات المؤمنين، كانت قبل أن يتزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي، ونكحها النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة أربع من الهجرة، وقيل: غيره.

روى عنها: عبد الله بن عبد الرحمن وابنتها زينب بنت أبي سلمة، [ ص: 108 ] وتوفيت زمن يزيد بن معاوية.

والحديث صحيح أخرجه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس، ومسلم عن يحيى بن يحيى، بروايتهما عن مالك، ورواه عن نافع كما رواه مالك: إسماعيل بن أمية، وفي الباب عن حذيفة، وابن عمر، والبراء، وعائشة - رضي الله عنها -.

والجرجرة تطلق بمعنيين:

أحدهما: الصب، ومن حمل اللفظ على هذا المعنى روى نار جهنم بالنصب، وبهذا قال الزجاج، ويؤيده ما في بعض الروايات: "يجرجر في بطنه نارا من نار جهنم".

والثاني: الصوت، يقال: جرجر الفحل إذا ردد صوته في حلقه، ومن هذا قيل: معناه: يصوت، وروي "نار جهنم" بالرفع.

والخبر يدل على تحريم الشرب من آنية الفضة حيث علق الوعيد بالنار، والمعنى أن الشرب منها يقتضي إلى جرجرة النار في البطن، وبمثله فسر قوله تعالى: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا .

وألحق الشرب سائر وجوه الاستعمال بالمعنى بالخبر، وبسائر [ ص: 109 ] الأخبار الناصة على الأكل وغيره، وفي تحريم آنية الفضة ما يدل على تحريم آنية الذهب بطريق الأولى؛ لأن نفاسته والخيلاء فيه أكثر.

وفي رواية ابن عمر - رضي الله عنه -: "من شرب من إناء من ذهب أو فضة أو إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم".

ففي قوله: "أو إناء فيه شيء من ذلك" دلالة على تحريم المضبب بهما.




الخدمات العلمية