الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1537 الأصل

[ 1346 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبا [ ص: 442 ] طلحة الأنصاري وأبي بن كعب شرابا [من ] فضيخ وتمر، فجاءهم آت فقال: إن الخمر قد حرمت.

فقال أبو طلحة: يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها.

قال أنس: فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى تكسرت .


التالي السابق


الشرح

أبو عبيدة: هو عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري القرشي، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، والذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح". توفي في عهد عمر رضي الله عنه بالشام .

وقد أخرج مسلم الحديث عن أبي الطاهر عن ابن وهب عن مالك، فروى البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك عن إسحاق عن أنس قال: كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة وأبي بن كعب من فضيخ زهو وتمر، فجاءهم آت فقال: إن الخمر قد حرمت.

فقال أبو طلحة: قم يا أنس فأهرقها فأهرقتها.

والفضيخ: بسر يشدخ ويفضخ وينبذ في وعاء حتى يسرع اشتداده، وقد يلقى عليه الماء وقد يفضخ التمر وينبذ في الماء، والفضخ: الكسر.

والمهراس: الذي يدق به الشيء، يقال ذلك للحجر المنقور [ ص: 443 ] وغيره، والهرس: الدق.

وفي الحديث ما يدل على وقوع اسم الخمر على الأنبذة، أو على اعتمادهم على القياس وأخذهم به في الأحكام الشرعية; فإن الذي أتاهم أخبرهم أن الخمر قد حرمت; فأراقوا بقوله ما كان عندهم من الفضيخ، فإن كان اسم الخمر يقع على الأنبذة فقد أخذوا بإطلاق اللفظ، وإلا فإنهم قاسوا ما سوى الخمر على الخمر، وفيه أنهم كانوا يعملون بخبر الواحد; وأما كسر الجرار فإن الظروف والأوعية في ابتداء التحريم كانت تكسر مبالغة في الزجر، فإما أن كان الذي أتاهم بخبر التحريم أخبرهم أيضا الأمر بكسر الجرار، وإما أن كانوا قد عرفوا من قبل أنه إذا نزل التحريم كسرت الظروف، وكانوا يتحدثون بشأن الخمر ويراجع في تحريمها بعضهم بعضا كالمنتظرين لنزول التحريم.




الخدمات العلمية