الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1560 [ 1367 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، قال الزهري لمنصور ومخول: كونا وافدي العراق بهذا الحديث .

التالي السابق


الشرح

منصور بن المعتمر بن عبد الله بن ربيعة، ويقال: ابن المعتمر ابن عتاب بن عبد الله، أبو عتاب السلمي من بني بهثة بن سليم الكوفي .

[ ص: 461 ] سمع: أبا وائل، وإبراهيم النخعي، وأبا الضحى.

وروى عنه: شعبة، والثوري، وابن عيينة، وحماد بن زيد.

توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة.

ومخول: هو ابن راشد أبو راشد، ويقال: مخول بن أبي المجالد النهدي، مولاهم الكوفي.

سمع: أبا جعفر محمد بن علي، ومسلما البطين.

وروى عنه: شعبة، والثوري .

وحديث قبيصة أخرجه أبو داود عن أحمد بن عبدة الضبي عن سفيان، وهو مرسل; لكن كل واحد من طرفيه: "الأمر بالقتل، وتركه" قد ورد في روايات مسندة.

أما الأمر بالقتل [فعن] عاصم عن أبي صالح عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا شربوا الخمر فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاقتلوهم" .

وعن حميد بن يزيد عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال مثله.

قال: وأحسبه قال في الخامسة: "إن شربها فاقتلوه" .

[ ص: 462 ] وعن يزيد بن هارون، عن ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاضربوا عنقه" . وكذا رواه سهيل، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأما ترك القتل، فقد روي مسندا عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وقوله: "لا يدري الزهري" أبعد الثالثة أو الرابعة كذلك هو في رواية الشافعي، وروى سعدان بن نصر عن سفيان عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إذا شرب الخمر فاجلدوه، ثم إذا شرب الخمر فاجلدوه، ثم إذا شرب في الرابعة فاقتلوه" .

فعين الرابعة من غير تردد، وقد مر أن بعض الرواة قال: "وأحسبه قال في الخامسة: إن شربها فاقتلوه" وروايات الرابعة أشهر وأظهر، فروي من حديث عمرو بن شعيب; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أقيم عليه حد في شيء أربع مرات أو ثلاث مرات ثم أتي به الرابعة أو الخامسة قتل" ذكره على الشك.

[ ص: 463 ] والرجل الذي أتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلده ولم يقتله وهو نعيمان، فقد روى محمد بن إسحاق عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه" فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل من الأنصار يقال له: نعيمان، فضربه أربع مرار فرأى المسلمون أن القتل قد أخر وأن الضرب قد وجب.

وروى زياد بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق بن يسار، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه".

قال: وضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النعيمان أربع مرات.

قال: فرأى المسلمون الحد قد رفع القتل حين ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع مرات .

والمقصود أن القتل قد رفع ونسخ باقتصار النبي - صلى الله عليه وسلم - على جلد ذلك الرجل، ولم يذهب أحد من أهل العلم إلى أن شارب الخمر يقتل، وأيد الشافعي ما دل على النسخ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ..." الحديث .

وقول الزهري: "كونا وافدي العراق بهذا الحديث" يريد بلغوا أهل العراق هذا الحديث ليعرفوا به أن القتل منسوخ.

[ ص: 464 ] الأصل




الخدمات العلمية