الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1292 [ 1410 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، عن الزهري، قال: حدثني سليمان بن يسار، عن زيد بن ثابت قال: إذا طعنت المطلقة [ ص: 14 ] في الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها، ولا ترثه ولا يرثها .

التالي السابق


الشرح

حفصة: هي بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، كانت تحت المنذر بن الزبير.

سمعت: عائشة عمتها.

وروى عنها: عراك بن مالك .

والأحوص ذكر في كتاب "معرفة السنن" للحافظ البيهقي: أنه يعني ابن حكيم، وهو الأحوص بن حكيم بن عمير، وقد سبق ذكره.

ومقصود الآثار أن عائشة ذهبت إلى [أن] المراد من القروء المذكورة في القرآن، حيث قال تعالى: ( فعدتهن ثلاثة قروء ) إنما هي الأطهار، وبه قال مالك والشافعي، واحتج الشافعي بقوله تعالى: فطلقوهن لعدتهن والمعنى: في زمان عدتهن، كقوله تعالى: ونضع الموازين القسط ليوم القيامة أي: فيه، وحذف لفظ الزمان؛ لأن العدة تستعمل مصدرا، وقد يعبر بالمصادر عن أزمنتها كما يقال: فعلت كذا مقدم الحجيج، فكانت الآية إذنا في الطلاق في زمان العدة [ ص: 15 ] .

ومن المعلوم أن الطلاق في حال الحيض حرام، فينصرف الإذن إلى زمان الطهر ويتصف زمان الطهر بكونه زمان العدة.

وعند أبي حنيفة: المراد من الأقراء: الحيض.

ويترتب على هذا الخلاف قدر مدة العدة، فمن حمل الأقراء على الأطهار قال: إذا طلقها وهي طاهر فحاضت ثم طهرت ثم حاضت ثم طهرت ثم حاضت؛ فقد تمت العدة، وإن طلقها وهي حائض فإذا دخلت في الحيضة الرابعة؛ فقد تمت العدة.

وهل يحكم بانقضاء العدة [برؤية] الدم للحيضة الثالثة أو الرابعة، أم يعتبر مضي يوم وليلة؟

فيه قولان للشافعي:

أحدهما: أنه يعتبر ليعلم أن الذي ظهر دم الحيض، وأن القرء الثالث قديم.

وأظهرهما: أنه يحكم به ولا يعتبر مضي يوم وليلة، ويكتفى بظاهر الحال، وتدل عليه الآثار المذكورة في الفصل فإنهم قالوا حين دخلت في الحيضة الثالثة: وإذا طنعت في الحيضة الثالثة ، وإطلاقهم "الحيضة الثالثة" أجروه فيما إذا طلقها للسنة وهو الطلاق في حال الطهر.

وقوله: "انتقلت" وضعه موضع "نقلت" ، ويمكن أن تكون لغة كقوله: مدح وامتدح.

وقوله: "فقد برئت منه وبرئ منها" أي: حصلت البينونة وتأكدت الفرقة وانقطعت المسرات.

ومن قال أن الأقراء: الحيض، قال: إذ طلقت في الطهر لم تنقض [ ص: 16 ] العدة ما لم تطهر من الحيضة الثالثة، وإذا طلقت في الحيض لم تنقض ما لم تطهر من الحيضة الرابعة، واشترط أبو حنيفة مع ذلك إن انقطع دمها لما دون أكثر الحيض أن تغتسل أو تيمم إذا عجزت عن استعمال الماء، ويؤكد الأيام المذكورة ما رواه أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: إذا دخلت في الحيضة الثالثة فلا رجعة له عليها .

وعن سليمان بن يسار قال: قال زيد بن ثابت: إذا رأت المطلقة قطرة من الدم في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدتها .

ويروى مثل ذلك عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وأبي بكر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار وابن شهاب.

قال مالك: وذلك الأمر الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا.




الخدمات العلمية