الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
42 [ 24 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك وابن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده". .

التالي السابق


الشرح

أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري المديني، قيل: اسمه كنيته، وقيل: اسمه عبد الله.

سمع: أبا هريرة، وجابرا، وأبا سعيد الخدري.

وروى عنه: الزهري، ويحيى بن سعيد، ويحيى بن أبي كثير، وجماعة [ ص: 110 ]

مات سنة أربع ومائة.

وحديث مالك عن أبي الزناد: رواه البخاري في "الصحيح" عن عبد الله بن يوسف عن مالك، ورواه مسلم عن قتيبة عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد.

وحديث سفيان عن الزهري: رواه مسلم عن عمرو الناقد وغيره، عن سفيان، وروى الحديث عن سفيان كما رواه الشافعي: الحميدي، ورواه عن أبي هريرة: عبد الله بن شقيق، وسعيد بن المسيب، وأبو مريم، وأبو رزين، وأبو صالح.

وفي الباب عن علي، وعائشة، وابن عمر وفي حديثه: "فإنه لا يدري أين باتت يده، أو أين طافت يده" وجابر وفي حكايته: "فإنه لا يدري أين باتت يده، ولا على ما وضعها".

وبين روايتي الشافعي تفاوت في اللفظ وفي المعنى أيضا؛ فإنه ذكر الثلاث في الأولى دون الثانية.

وفي الحديث بيان أن المتيقظ من النوم ينبغي أن لا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها، وليس ذلك على الإيجاب وإنما هو استحباب، واحتج الشافعي لذلك بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع يده في قدح فتوضأ الناس من [ ص: 111 ] تحت يده آخذين الماء من القدح ولم يغسل أحد منهم يده قبل إدخالها القدح وفيهم من قام من النوم.

قال علماء الأصحاب: وغسل اليدين ثلاثا مستحب سواء قام من النوم أو لم يقم، ثبت ذلك في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن القائم من النوم يكره له غمس اليد في الإناء قبل غسلها، وغير القائم يتخير بين غمس اليد في الإناء وبين صب الماء عليها، والقدر الذي يستحب غسله ما بين رءوس الأظفار والكوع وهو الذي يغمس في الإناء غالبا للاغتراف، وعلى ذلك تنزل قوله تعالى: فاقطعوا أيديهما ولو دخل الساعد في مسمى اليد لم يكن إلى التقييد بالمرافق حاجة في قوله تعالى: وأيديكم إلى المرافق .

وقوله: فإنه لا يدري أين باتت يده إشارة إلا أنه ربما أصاب في النوم بيده الطائفة على البدن موضعا نجسا، سيما إذا كان قد استنجى بالحجر، فيحتاط لما في الإناء بغسلها أولا، واحتج بالحديث على أنه يستحب غسل الموضع النجس ثلاثا؛ لأنه استحب التثليث ها هنا لتوهم النجاسة فحالة التحقيق أولى بالتثليث.

وفي بعض الراويات: "إذا قام أحدكم من الليل" وقوله ها هنا: [ ص: 112 ] "أين باتت" يوافقه، وكراهية الغمس قبل الغسل تعم نوم الليل والقيلولة، لكن يمكن أن يقال: إن الكراهية ثم أشد؛ لأن نوم الليل أطول فيكون احتمال التلوث فيه أقرب.

وقوله: "فلا يغمس يده في الإناء" يعني: في الماء [الذي] في الإناء، يبينه قوله في الرواية الثانية: "قبل أن يدخلها في وضوئه" وفي هذه اللفظة إشارة إلى أن القائم من النوم يتوضأ؛ لأنه سماه وضوءه، وقد سبق أن الوضوء: الماء الذي يتوضأ به.




الخدمات العلمية