الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
181 الأصل

[ 1664 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكعبة هو وبلال وعثمان بن طلحة وأحسبه قال: وأسامة، فلما خرج سألت بلالا: كيف صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟

قال: جعل عمودا عن يمينه وعمودين عن يساره وثلاثة أعمدة وراءه ثم صلى، وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة .


التالي السابق


الشرح

قد مر الحديث في أوائل الكتاب بهذا الإسناد، وجزم هناك بأن أسامة كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وها هنا قال: وأحسبه.

وذكر هناك: "جعل عمودا عن يساره وعمودا عن يمينه، وكذلك رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف وغيره عن مالك، وذكر ها هنا أنه جعل عمودا عن يمينه وعمودين عن يساره وكذلك رواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك، وروى البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك وقال: "جعل عمودا عن يساره وعمودين عن يمينه" وكأن الأمر اشتبه فيه على الرواة [...] فيما تقدم أن الصحيح هذا [ ص: 266 ] الأخير، ويؤيده ما في "صحيح البخاري" من رواية مجاهد عن ابن عمر أنه قال: "سألت بلالا فقلت: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة؟

فقال: نعم، ركعتين بين الساريتين اللتين على اليسار إذا دخلت"
واقتصر بعضهم على القدر المشترك، فروى البخاري في "الصحيح" عن موسى بن إسماعيل عن جويرية عن نافع عن ابن عمر أنه قال: سألت بلالا: أين صلى؟

فقال: بين العمودين المقدمين.

وقد ذكرنا بعض فوائد الحديث من قبل، واحتج البخاري به على أنه لا بأس بالصلاة بين الساريتين وإن لم يكن في جماعة، وأشار به إلى أن الأولى للمفرد أن يصلي إلى السارية، فعن [عمر] رضي الله عنهما أن رجلا [كان] يصلي بين أسطوانتين فأدناه إلى سارية فقال: صل إليها .

ومع هذه الأولوية فلا كراهية في الوقوف بينهما، وأما في الجماعة فالوقوف بين الساريتين كالصلاة إلى السارية، وفيه أنهم كانوا يبحثون عن أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله إذا لم يشهدوها، وأنهم كانوا يراجعون غيره فيها مع إمكان مراجعته.

والأعمدة: الخشب التي يرفع بها السوق، واحدها: عماد [ ص: 267 ] وعمود، وتجمع على عمد وعمد أيضا.




الخدمات العلمية