الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1580 الأصل

[ 1838 ] أبنا الربيع قال: قال الشافعي: أبنا سفيان، عن أيوب بن موسى، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -[قال] : " إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إن عادت فزنت تبين زناها فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إن عادت فزنت تبين زناها فليبعها، ولو بضفير من شعر" يعني الحبل. . [ ص: 354 ] .

التالي السابق


الشرح

هذا حديث صحيح أخرجه مسلم من حديث سفيان، ورواه البخاري عن عبد العزيز بن عبد الله، ومسلم عن عيسى بن حماد، بروايتهما عن الليث، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، واللفظ: "ولو بحبل من شعر".

وقوله: "فتبين زناها" أي: علمه، ويجوز أن يكون المعنى: وظهر له زناها.

والتثريب: التعيير، قال تعالى: لا تثريب عليكم .

قيل: المعنى أنه لا يقتصر على التعيير والتبكيت بل يقيم عليها الحد، وقيل: أي: لا يعيرها فلا يؤذيها بعد إقامة الحد.

والضفير: الحبل؛ سمي به لأنه مضفور، والضفر: الفتل.

وفيه دليل على أن للسيد أن يقيم الحد على مملوكه، ويروى ذلك عن فاطمة وابن مسعود وابن عمر -رضي الله عنهم-، وبه قال الحسن والزهري ومالك والثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق، واحتج بقوله: "فليبعها ولو بضفير من شعر" على أن بيع الزانية جائز، وعلى أن الزنا عيب يثبت الرد به ولذلك حط من ثمنها، وعلى أن بيع غير المحجور بالغبن جائز، وعلى أن حد المماليك الجلد دون الرجم؛ لأنه أطلق الأمر بالجلد، وعن أبي ثور أنه يجب عليه البيع إذا زنت أربعا لظاهر قوله: "فليبعها" وورد في بعض الروايات الأمر بالبيع في الرابعة فكأنه أخذ بالمستيقن، ويجلد المملوك في الزنا خمسين، يروى ذلك عن عمر - رضي الله عنه - وغيره من [ ص: 355 ] الصحابة، وليس في الحديث تعرض للتغريب، وفيه اختلاف قول للشافعي: ففي قول: لا يغرب نظرا للسيد، وفي قول: يغرب سنة، ولا تختلف المدة كمدة العنة، وفي قول: تشطر السنة كما يشطر الجلد، وهو الأظهر.

وإطلاق قوله: "إذا زنت أمة أحدكم" يقتضي التسوية بين العدل والفاسق، والرجل والمرأة، والحر والمكاتب في إقامة الحد على مماليكهم؛ وهو الظاهر، والتسوية بين المزوجة وغيرها خلافا لقول من قال: لا حد على من لم يتزوج من المماليك.




الخدمات العلمية