الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
300 [ 222 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن محمود بن الربيع أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى.

التالي السابق


الشرح

عتبان: هو ابن مالك بن عمرو بن العجلان الأنصاري أحد بني سالم، كان يؤم قومه على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهد معه بدرا وساء بصره بعد ذلك.

روى عنه: محمود بن الربيع، وأنس بن مالك.

توفي وسط خلافة معاوية [ ص: 428 ]

والحديث صحيح: أخرجه البخاري عن إسماعيل عن مالك، ومسلم من طرق.

وفيه أن الأعمى يؤم، بل للأصحاب وجه أنه أولى من البصير؛ لأنه أخشع وأجمع هما.

وقوله: إنها تكون الظلمة والمطر والسيل يعني أن هذه الحوادث تحدث وأنا رجل ضرير يشق علي الخروج، ولفظ الخبر ضرير البصر والاستعمال من غير لفظ البصر أشهر، يقال: رجل ضرير بين الضرارة، أي: ذاهب البصر، وسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي في بيته ليتخذ مكان صلاته مصلى له ويقيم فيه المكتوبة إذا منعته الحوادث المذكورة عن الخروج إلى الجماعة، ثم السابق إلى الفهم أنه أراد أنها تمنعه من الحضور عند النبي - صلى الله عليه وسلم - والصلاة معه، لكن في صحيح مسلم أنه قال: يا رسول الله، إني أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي، وإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم ولم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي لهم.

وفي إحالة التخلف على المطر والسيل إشارة إلى أن الأعمى لا يرخص لعماه في ترك الجماعة، ولذلك أورد البخاري الحديث في باب الرخصة بالمطر ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حسن خلقه وكرم شيمه أجاب عتبان إلى ما سأل فأتى بيته وسأله عن المكان الذي يحب أن يصلي فيه وصلى في مكان الذي عينه، وفي صحيح مسلم أنه صلى فيه ركعتين، وأن أبا بكر - رضي الله عنه - كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه مع عتبان صليا [ ص: 429 ] بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي بعض نسخ مسلم إيراد الحديث في باب مترجم بما روي في صلاة التطوع بالجماعة لذلك.

وفيه أنه يحسن أن يتخذ الإنسان في بيته موضعا للصلاة، وأنه يحسن التبرك بموضع صلاة الأكابر، وأما رواية إبراهيم بن سعد فإنه ابتدأ بما ابتدأت به الرواية الأولى ثم قطعه فيحتمل أنه روى الحديث بتمامه ولكن الشافعي تركه اكتفاء بالرواية الأولى، ويحتمل أنه روى القدر المذكور لا غير.




الخدمات العلمية