الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

فهرس الكتاب

- مقدمة

- كتاب الطهارة

- من كتاب استقبال القبلة

- من كتاب الإمامة

- من كتاب الجمعة

- من كتاب العيدين

- من كتاب الزكاة

- من باب إباحة الطلاق ومن كتاب الصيام الكبير

- من كتاب المناسك

- من كتاب البيوع

- من كتاب اليمين مع الشاهد الواحد

- من كتاب اختلاف الحديث

- من كتاب جراح العمد

- من كتاب المكاتب

- من كتاب الجزية

- من كتاب الظهار واللعان

- من كتاب إبطال الاستحسان

- من كتاب أحكام القرآن

- من كتاب الأشربة وفضائل قريش

- من كتاب الأشربة

- كتاب عشرة النساء

- من كتاب التعريض بالخطبة

- من كتاب الرجعة

- من كتاب العدد إلا ما كان معادا

- من كتاب القرعة والنفقة على الأقارب

- من كتاب الرضاع

- ذكر الله تعالى على غير وضوء ، والحيض

- من كتاب قتال أهل البغي

- من كتاب المدبر

- من كتاب التفليس

- من كتاب الدعوى والبينات

- من كتاب صفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم والولاء الصغير

- من كتاب البحيرة والسائبة

- من كتاب الصيد والذبائح

- من كتاب الديات والقصاص

- من كتاب جراح الخطأ

- من كتاب السبق والرمي والقسامة والكسوف

- من كتاب جماع العلم

- من كتاب الجنائز والحدود

- من كتاب مختصر الحج الكبير

- من كتاب أدب القاضي

- من كتاب الطعام والشراب وعمارة الأرضين

- من كتاب الوصية الذي لم يسمع من الشافعي

- من كتاب اختلاف علي وعبد الله رضي الله عنهما مما لم يسمع الربيع من الشافعي

شرح مسند الشافعي

أبو القاسم الرافعي - عبد الكريم بن محمد القزويني

صفحة

جزء

50 [ 45 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا إبراهيم بن محمد، عن علي بن يحيى، عن ابن سيرين، عن المغيرة بن شعبة؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح بناصيته أو قال: مقدم رأسه [بالماء].

التالي السابق

الشرح

الشَّرْحُ

يَحْيَى: هُوَ ابْنُ حَسَّانَ، أَبُو زَكَرِيَّا التِّنِّيسِيُّ.

سَمِعَ: سُلَيْمَانَ بْنَ بِلَالٍ، وَمُعَاوِيَةَ بْنَ سَلَامٍ، وَوَهِيبًا، وَعَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زِيَادٍ [ ص: 154 ]

رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ التَّمِيمِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَالشَّافِعِيُّ.

ذَكَرَ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَتَيْنِ.

وَحَمَّادٌ: هُوَ ابْنُ زَيْدِ بْنِ دِرْهَمٍ الْأَزْرَقُ الْبَصْرِيُّ الْأَزْدِيُّ، أَبُو إِسْمَاعِيلَ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ مَشْهُورٌ.

سَمِعَ: ثَابِتًا، وَأَيُّوبَ، وَعَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، وَالْجَمَّ الْغَفِيرَ.

وَرَوَى عَنْهُ: قُتَيْبَةُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ.

وَعَمْرُو بْنُ وَهْبٍ ثَقَفِيٌّ يُعْرَفُ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الْمُغِيرَةِ، وَرِوَايَةُ ابْنِ سِيرِينَ عَنْهُ.

وَالْمُغِيرَةُ: هُوَ ابْنُ شُعْبَةَ بْنِ أَبِي عَامِرِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مُعَتِّبٍ، وَيُقَالُ: مُعَتِّبُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفٍ الثَّقَفِيُّ الْكُوفِيُّ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [الْمَعْرُوفِينَ]، وَمِنْ دُهَاةِ الْعَرَبِ.

رَوَى عَنْهُ: مَسْرُوقٌ، وَزِيَادُ بْنُ عَلَاقَةَ، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَوَرَّادٌ كَاتِبُهُ [ ص: 155 ]

تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِينَ.

وَمُسْلِمٌ: هُوَ ابْنُ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ، أَبُو خَالِدٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ، مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ.

رَوَى عَنِ: ابْنِ جُرَيْجٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.

وَرَوَى عَنْهُ: الشَّافِعِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَتَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ.

وَابْنُ جُرَيْجٍ: هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ، أَبُو خَالِدٍ أَوْ أَبُو الْوَلِيدِ الْمَكِّيُّ، مَوْلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَالِدٍ.

سَمِعَ: الزُّهْرِيَّ، وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ.

وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ.

تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ.

وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحِ بْنِ أَسْلَمَ، مَوْلَى بَنِي جُمَحٍ، وَقِيلَ: بَنِي فِهْرٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ.

سَمِعَ: أَبَا هُرَيْرَةَ، وَجَابِرًا، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ.

وَرَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.

مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ [ ص: 156 ]

وَعَلِيُّ بْنُ يَحْيَى لَا أَتَحَقَّقُ مَنْ هُوَ، وَفِي الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الرُّوَاةِ عَلَيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ الزُّرَقِيُّ الْأَنْصَارِيُّ، سَمِعَ أَبَاهُ، وَآخَرَ يُقَالُ لَهُ: عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى، رَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَرَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَحَدَهُمَا.

وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي السُّنَنِ مِنْ رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ، وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ كَمَا رَوَاهُ أَيُّوبُ: قَتَادَةُ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، وَرَوَاهُ أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ.

وَحَدِيثُ عَطَاءٍ مُرْسَلٌ، وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ ابْنِ سِيرِينَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فِي الْحَدِيثِ الثَّالِثِ مُرْسَلَةٌ، وَلَكِنَّ مَقْصُودَ الْحَدِيثِ مَوْصُولٌ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَبِرِوَايَاتٍ أُخَرَ، وَلَهُ قِصَّةٌ مَرْوِيَّةٌ فِي الْمُسْنَدِ مِنْ فِعْلِهِ.

وَيُقَالُ: مَسَحَ بِهِ وَمَسَحَ عَلَيْهِ وَمَسَحَهُ بِلَا صِلَةٍ، وَاشْتَمَلَتِ [ ص: 157 ] الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى هَذِهِ اللُّغَاتِ جَمِيعًا.

وَقَوْلُهُ: فَحَسِرَ الْعِمَامَةَ أَيْ: أَزَالَهَا فَكَشَفَ مَوْضِعَهَا مِنَ الرَّأْسِ.

وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِيعَابُ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى شَعْرِ الرَّأْسِ، فَإِنَّ النَّاصِيَةَ شَعْرُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، وَعَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ، وَعَلَى أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ جَائِزٌ.

وَقَوْلُهُ: فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ يَحْتَمِلُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي وُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ فِعْلَ ذَلِكَ فِي وُضُوئِهِ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَقِصَّةُ الْحَدِيثِ تَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ الْأَوَّلِ.

وَقَوْلُهُ: بِالْمَاءِ فِيهِ فَائِدَةُ قَطْعِ احْتِمَالِ إِمْرَارِ الْيَدِ بِالْبَدَنِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى مَسْحًا، أَلَا تَرَى إِلَى مَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ: مَنْ مَسَحَ بِرَأْسِ يَتِيمٍ فَلَهُ كَذَا أَيْ: أَمَرَّ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ شَفَقَةً عَلَيْهِ.

الشرح

يحيى: هو ابن حسان، أبو زكريا التنيسي.

سمع: سليمان بن بلال، ومعاوية بن سلام، ووهيبا، وعبد الواحد بن زياد [ ص: 154 ]

روى عنه: الحسن بن عبد العزيز، ومحمد بن سهل التميمي، وعبد الله بن دينار، والشافعي.

ذكر أنه مات سنة ثمان ومائتين.

وحماد: هو ابن زيد بن درهم الأزرق البصري الأزدي، أبو إسماعيل إمام من أئمة الحديث مشهور.

سمع: ثابتا، وأيوب، وعمرو بن دينار، والجم الغفير.

وروى عنه: قتيبة، وسليمان بن حرب، وغير واحد. مات سنة تسع وسبعين ومائة.

وعمرو بن وهب ثقفي يعرف برواية هذا الحديث عن المغيرة، ورواية ابن سيرين عنه.

والمغيرة: هو ابن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتب، ويقال: معتب بن مالك بن عمرو بن سعد بن عوف الثقفي الكوفي، من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - [المعروفين]، ومن دهاة العرب.

روى عنه: مسروق، وزياد بن علاقة، وقيس بن أبي حازم، ووراد كاتبه [ ص: 155 ]

توفي سنة خمسين.

ومسلم: هو ابن خالد الزنجي، أبو خالد مولى عبد الله بن سفيان بن عبد الأسد، من فقهاء المدينة.

روى عن: ابن جريج، وهشام بن عروة.

وروى عنه: الشافعي، وغيره. وتكلم فيه بعض أهل الحديث.

وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، أبو خالد أو أبو الوليد المكي، مولى أمية بن خالد.

سمع: الزهري، وعطاء بن أبي رباح.

وروى عنه: أبو عاصم النبيل، وعبد الله بن وهب، وعبد الرزاق، ويحيى القطان.

توفي سنة خمسين ومائة، وقيل: تسع وأربعين.

وعطاء بن أبي رباح بن أسلم، مولى بني جمح، وقيل: بني فهر، أبو محمد المكي.

سمع: أبا هريرة، وجابرا، وابن عباس، وعروة بن الزبير.

وروى عنه: عمرو بن دينار، والزهري، وغير واحد.

مات سنة خمس عشرة ومائة [ ص: 156 ]

وعلي بن يحيى لا أتحقق من هو، وفي المتقدمين من الرواة علي بن يحيى بن خلاد الزرقي الأنصاري، سمع أباه، وآخر يقال له: علي بن يحيى، روى عن عمرو بن شعيب وروى عنه: سعيد بن أبي هلال، ويمكن أن يكون أحدهما.

والحديث الأول أخرجه الدارقطني في السنن من رواية الشافعي، ورواه عن ابن سيرين كما رواه أيوب: قتادة، ويونس بن عبيد، وهشام بن حسان، ورواه أبو الربيع الزهراني عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن رجل، عن عمرو بن وهب.

وحديث عطاء مرسل، وكذلك رواية ابن سيرين عن المغيرة بن شعبة في الحديث الثالث مرسلة، ولكن مقصود الحديث موصول مخرج في الصحيح من رواية بكر بن عبد الله المزني، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه، وبروايات أخر، وله قصة مروية في المسند من فعله.

ويقال: مسح به ومسح عليه ومسحه بلا صلة، واشتملت [ ص: 157 ] الأحاديث المذكورة على هذه اللغات جميعا.

وقوله: فحسر العمامة أي: أزالها فكشف موضعها من الرأس.

واحتج الشافعي بالحديث على أنه لا يجب استيعاب الرأس بالمسح، وفيه دليل على جواز المسح على شعر الرأس، فإن الناصية شعر مقدم الرأس، وعلى أنه يستحب المسح على العمامة إذا اقتصر على مسح بعض الرأس، وعلى أن المسح على الخفين جائز.

وقوله: فمسح بناصيته وعلى عمامته وخفيه يحتمل من جهة اللفظ أن يكون جميع ذلك في وضوء واحد، ويحتمل أنه أراد فعل ذلك في وضوئه على الجملة، وقصة الحديث تدل على المراد الأول.

وقوله: بالماء فيه فائدة قطع احتمال إمرار اليد بالبدن؛ فإن ذلك يسمى مسحا، ألا ترى إلى ما ورد في الخبر: من مسح برأس يتيم فله كذا أي: أمر يده على رأسه شفقة عليه.