الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
72 الأصل

[ 53 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا عبد الله بن نافع، عن داود بن قيس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أسامة بن زيد قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبلال فذهب لحاجته ثم خرجا.

قال أسامة: فسألت بلالا ماذا صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟

فقال بلال: ذهب لحاجته، ثم توضأ فغسل وجهه ويديه، ومسح برأسه، ومسح على الخفين.


التالي السابق


الشرح

داود بن قيس: هو أبو سليمان الفراء الدباغ المديني مولى لقريش.

سمع: إبراهيم بن عبد الله بن حنين، وموسى بن يسار، وعبيد الله بن مقسم، وزيد بن أسلم.

وروى عنه: أبو عامر [العقدي] وإسماعيل بن جعفر، والقعنبي، وعبد الله بن وهب، وغيرهم.

وأسامة: هو ابن زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى بن يزيد أبو زيد، ويقال: أبو محمد الكلبي حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومولاه، يقال: إنه كان من كلب اليمن، قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن عشرين سنة، [ ص: 176 ] وأمه أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم.

روى عنه: ابن عباس، وأبو عثمان النهدي، وعروة بن الزبير، وإبراهيم بن سعد بن أبي وقاص.

توفي في آخر خلافة معاوية.

وبلال: هو ابن رباح التيمي، مولى أبي بكر الصديق، أبو عبد الله أو أبو عبد الكريم أو أبو عمرو. ذهب إلى الشام بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسكنها وتوفي بها سنة عشرين، ويقال: إن قبره بدمشق.

روى عنه: عبد الله بن عمر، وكعب بن عجرة، والصنابحي.

والحديث مخرج في فوائد محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بروايته عن عبد الله بن نافع بإسناده لكن قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأسواف فذهب لحاجته ثم خرج. قال أسامة: فسألت بلالا... إلى آخره، ورواه أبو نعيم عن داود بن قيس كذلك فقال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - الأسواف فذهب لحاجته ومعه بلال ثم خرجا... إلى آخره، وسقط من رواية الشافعي في الأم وغيره ذكر الأسواف [ ص: 177 ]

والأسواف: موضع بالمدينة. عن ابن عيينة.

وقوله: فذهب لحاجته إشارة إلى أنه حاول البعد عن الناس كما هو الأدب والسنة، واستصحاب بلال يشبه أن يكون لحمله الماء معه، وقد نقل ذلك عن غير بلال، وفيه دليل على أنه يجوز لمن يريد قضاء الحاجة أن يستصحب من يحمل الماء معه، فإذا أراد أن يقعد تنحى عنه حامل الماء واستدبره، وفي سؤال أسامة بلالا دليل على أنهم كانوا يتفحصون عن أفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويضبطونها كما كانوا يحفظون أقواله.

والحديث أصل في المسح على الخفين، وقد ثبت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولا وفعلا، ورواه جماعة من أعلام الصحابة منهم: عمر، وعلي، وحذيفة، والمغيرة، وبلال، وأبو أيوب، وسلمان، وعمرو بن أمية، وبريدة، وأنس، وسهل بن سعد، ويعلى بن مرة، وعبادة بن الصامت، وأبو أمامة، وجابر، والأسامتان ابن زيد وابن شريك - رضي الله عنهما -.

قال الشافعي: وفي حديث بلال دليل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين في الحضر؛ لأن بئر جمل في الحضر.

وبئر جمل موضع بالمدينة كأنه والأسواف متجاوران أو أحدهما داخل في الآخر




الخدمات العلمية