الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1241 [ 466 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر أنه كان يقرأ "إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن" .

التالي السابق


الشرح

باب إباحة الطلاق دخل في هذا الموضع وغيره أليق به، ولا أدري لم أورده أبو العباس ها هنا، ولا أنه لم جمع بين إباحة الطلاق [ ص: 173 ] والصيام في قرن، وليس ذلك من ترتيب "الأم".

وعبد الرحمن: هو ابن أيمن المخزومي مولى عزة، وقال بعضهم: مولى عروة، والصحيح عند الأئمة الأول.

سمع: ابن عمر، ورأى أبا سعيد وأثنى عليه ابن عيينة .

والحديث الأول مخرج في الموطأ والصحيحين ، والثاني أخرجه مسلم من حديث حجاج بن محمد وغيره عن ابن جريج، وفيه: قال ابن عمر وقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن؟.

والطلاق في حالة الحيض حرام إذا كانت المرأة مدخولا بها ويسمى ذلك طلاقا بدعيا، قال الله تعالى: إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن أي: إذا أردتم تطليق النساء للوقت الذي يشرعن في العدة وبقية الحيض لا يحسب من العدة، ويؤيده قراءة من قرأ لقبل عدتهن أو في قبل عدتهن وقبل الشيء: أوله ومقدمه، يقال: كان ذلك في قبل الصيف ووقع السهم بقبل الهدف، ثم إن اتفق وقوع الطلاق في الحيض فيستحب للمطلق أن يراجعها لهذا الحديث، وفي قوله: مره فليراجعها، دليل على وقوع الطلاق وإن كان بدعيا; لأن الرجعة تكون بعد الطلاق، وفي الصحيحين عن يونس بن جبير [ ص: 174 ] قال: سألت ابن عمر عن رجل طلق امرأته وهي حائض؟

قال: تعرف عبد الله بن عمر؟

قلت: نعم.

قال: فإن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض؟

فأتى عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله، فأمره أن يراجعها ثم يطلقها في قبل عدتها.

قلت: أيعتد بها.

قال: فمه أرأيت إن عجز أو استحمق.


يقول: كيف لا يعتد بها أيندفع الطلاق بأن فعل فعل العاجزين الحمقى فطلق الطلاق المحرم، ويوضحه ما روي عن يونس أنه قال: قلت لابن عمر: اعتددت بتلك الطلقة؟

قال: نعم، وما يمنعني أن أعتد بها وإن كنت أسأت واستحمقت .

وقوله: "قبل أن يمس" إنما ذكره لأن الطلاق في طهر مس المرأة فيه بدعي أيضا، وفي قوله: فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء ما يشير إلى تخصيص المنع بالمدخول بها، فأما غير المدخول بها فلا عدة عليها، ولا فرق بين أن يطلقها في حال الحيض أو الطهر.

ثم الحديث الأول يدل على أنه إذا راجع المطلقة في الحيض فينبغي أن يصبر حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ليتأدى الاستحباب بتمامه، ورواية أبي الزبير تدل على أن له أن يطلق إذا طهرت ولا حاجة إلى الصبر إلى طهر آخر، وفيه وجهان للأصحاب والأول أظهر; لأنه [ ص: 175 ] وطئها بعد ما طهرت فكان الطلاق في ذلك الطهر بدعيا أيضا، وإن لم يطأها تجردت الرجعة للطلاق، وكما ينهى عن النكاح للطلاق ينهى عن الرجعة للطلاق، وتكلموا في أن من ذكر لقبل عدتهن أو في قبل عدتهن ذكره تفسيرا أو قراءة؟ وظاهر اللفظ الثاني، وعن ابن عباس أنه كان يقرأ كذلك أيضا .




الخدمات العلمية