الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
612 الأصل

[ 470 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا عبد العزيز [بن] محمد الدراوردي، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن أمه فاطمة بنت حسين; أن رجلا شهد عند علي -رضي الله عنه- على رؤية هلال رمضان فصام، وأحسبه قال: وأمر الناس أن يصوموا، وقال: أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان.

قال الشافعي بعد: لا يجوز على رمضان إلا شاهدان .

التالي السابق


الشرح

محمد: هو ابن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، أبو عبد الله القرشي المدني.

روى عنه: الدراوردي، وابن إسحاق.

وروى هو عن: أبي الزناد، وعن أمه.

وكان محمد يسمى الديباج لغاية جماله، وكان كثير النكاح كثير الطلاق، فقالت امرأة من نسائه: إنما مثله مثل الدنيا لا يدوم نعيمها ولا [ ص: 181 ] تؤمن فجائعها، قتله أبو جعفر المنصور وكان له نبل وقدر .

وأمه فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب.

روت عن: أبيها، وعن ابن عباس .

والأثر يدل على أن هلال رمضان يثبت بشاهد واحد، وهو أحد قولي الشافعي -رضي الله عنه- يدل عليه ما روي عن ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت الهلال فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله، أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم.

قال: "يا بلال، أذن في الناس أن يصوموا غدا"
أخرجه أبو عيسى الترمذي في جامعه ، وعن ابن عمر قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني رأيته فصام وأمر الناس بالصيام. أخرجه أبو داود في السنن.

[ ص: 182 ] وسبيله على هذا القول سبيل الأخبار حتى يثبت بقول العبد والمرأة أيضا أم سبيل الشهادة؟ فيه اختلاف والظاهر الثاني.

والقول الثاني للشافعي: أنه لا يثبت إلا بشهادة عدلين كهلال شوال.

وهذا ما أراد بقوله آخرا: قال الشافعي بعد: لا يجوز على رمضان إلا شاهدان ومن قال بهذا قال: إن عليا -رضي الله عنه- أمر به على طريق المشاورة والاحتياط لا على طريق الإلزام، وقد يشعر به قوله: "لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان".

لكن هذا إنما يغني إذا أجزأ صوم يوم الشك عن رمضان، ويروى ذلك عن عائشة وأسماء رضي الله عنهما، وعن ابن عمر أنه كان يرى صومه عن رمضان إذا كان في السماء سحاب أو قترة دون ما إذا كانت مصحية ، وبه قال أحمد، والذي عليه الأكثرون أن يوم الشك لا يصام عن رمضان، ومن صامه ثم بان أنه كان من رمضان لزمه القضاء، ويروى عن صلة بن زفر قال: كنا عند عمار -رضي الله عنه- فأتي بشاة مصلية، فقال: كلوا، فتنحى بعض القوم فقال: إني صائم.

فقال عمار: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -.


[ ص: 183 ] ولا ينبغي أن يصام عن غير رمضان أيضا إلا أن يوافق وردا له.




الخدمات العلمية