الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
646 [ 479 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار; أن ابن عباس سئل عن القبلة للصائم، فأرخص فيها للشيخ، وكرهها للشاب .

التالي السابق


الشرح

حديث عائشة صحيح رواه البخاري في كتابه عن القعنبي عن مالك، ومسلم عن علي بن حجر عن سفيان عن هشام بن عروة، وفي الباب عن حفصة وأم سلمة، وفي الصحيحين عن عائشة; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه، وهذه الكلمة تروى بفتح الهمزة والراء وكسر الهمزة وإسكان الراء: وهما الحاجة، ويقال: عندي أرب وأرب وإربة ومأربة ومأربة، أي: حاجة وبغية، والإرب أيضا: العضو.

والمقصود أنه كان أملك لنفسه وأضبط لشهوته منكم، ويروى أنه لما ذكرت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل قالت: "وأيكم يملك إربه كما كان يملك إربه" فأفهم كلامها أن الأولى التحرز على الإطلاق، ولا كراهة في التقبيل لمن لا تحرك القبلة شهوته كالشيخ، وتكره لمن تحرك شهوته، وينطبق على هذا التفصيل الأثر عن ابن عباس.

وعن أبي هريرة; أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المباشرة للصائم فرخص له، ثم سأله آخر فنهاه فإذا الذي رخصه شيخ وإذا الذي نهاه شاب.

[ ص: 193 ] ويروى عن بعض الصحابة إطلاق القول بالكراهة وأن بعضهم زاد فجعلها مفسدة للصوم، ولو قبل أو باشر فأنزل فسد صومه وفاقا، وذكروا وجهين في أن الكراهية في حق من تثبت له الكراهية كراهية تحريم أو تنزيه.

وقوله: "ثم تضحك" أشارت بضحكها إلى أن التي قبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحكت عنه كانت هي، وفائدته: زيادة وثوق الراوي بصورة الحال لكنها استحيت عن التلفظ به وربما صرحت به إذا روت لبعض محارمها خاصة ففي "الصحيح" عن القاسم عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلني وهو صائم .

وعن عمر بن عبد العزيز أن عروة بن الزبير أخبره أن عائشة أم المؤمنين أخبرته; أن رسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقبلها وهو صائم .




الخدمات العلمية