الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
94 الأصل

[ 59 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن هشام، عن أبيه، عن زييد بن الصلت أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى الجرف، فنظر فإذا هو قد احتلم وصلى ولم يغتسل، فقال: والله ما أراني إلا قد احتلمت [و] ما شعرت، وصليت وما اغتسلت.

قال: فاغتسل وغسل ما رأى على ثوبه،
ونضح ما لم ير وأذن وأقام، ثم صلى بعد ارتفاع الضحى متمكنا.

التالي السابق


الشرح

زييد - بياءين - هو ابن الصلت الكندي المديني من التابعين.

روى عن: عمر بن الخطاب.

وروى عنه: عروة بن الزبير وهو أخو كثير بن الصلت الكندي ولأبيه الصلت بن زييد رواية، ويشتبه بزبيد [ ص: 192 ]

وعمر - رضي الله عنه -: ابن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي، أبو حفص أمير المؤمنين والذي أعز الله به الدين.

روى عنه: ابناه عبد الله، وعاصم، وابن عباس، وابن الزبير، وغيرهم، استخلف سنة ثلاث عشرة، وقتله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة سنة ثلاث وعشرين، وفضائله مشهورة.

والجرف: على ثلاثة [أميال] من المدينة من جانب الشام وكان بها مال لعمر - رضي الله عنه -.

ويقال: شعر به يشعر شعرا، وعن سيبويه: إن أصله شعرة كالفطنة.

وقوله: فنظر فإذا هو قد احتلم يعني: فنظر في ثوبه فرأى فيه أثر الاحتلام، ولذلك استدل الشافعي بالأثر في الأم على أنه إذا رأى في ثوبه ماء دافقا وكان لا يلبس الثوب غيره فعليه الغسل، ويعيد الصلاة التي صلاها بعد أحدث نوم نامه.

وقوله: وغسل ما رأى في ثوبه، هذا الغسل يحتمل أنه كان لأنه [استنجى] بالحجر ويحتمل أنه كان تنظفا، ولذلك نضح ما لم ير فيه شيئا مبالغة في التنظف.

وقوله: وأذن وأقام يدل على أن الفائتة يؤذن لها [ ص: 193 ]

وقوله: ثم صلى بعد ارتفاع الضحى متمكنا يعني: أنه لم يبادر إلى القضاء بل تأنى فيه، وفيه ما يشعر بأن الصلاة التي صلاها قبل الاغتسال كانت صلاة الصبح.




الخدمات العلمية