الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
930 [ 491 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج قال: قال ابن شهاب: حدثني سليمان بن يسار، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس; أن امرأة من خثعم قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أبي قد أدركته فريضة الله عليه في الحج وهو شيخ كبير لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعير. قال: فحجي عنه. .

[ ص: 210 ]

التالي السابق


[ ص: 210 ] الشرح

الفضل: هو ابن عباس بن عبد المطلب بن هاشم أبو محمد، ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

روى عنه: أخواه عبد الله وقثم، وأبو هريرة.

توفي قبل أبيه سنة ثمان عشرة، وقيل: قتل باليرموك سنة خمس عشرة، وقيل غيرهما .

والحديث صحيح رواه ابن عيينة عن الزهري وأيضا عن عمرو بن دينار عن الزهري بزيادة الإلحاق بقضاء الدين، وليس في أكثر الروايات عن الشافعي ذكر ابن عباس في رواية عمرو بن دينار، ومنهم من ذكره في روايته وكذلك يوجد في الأم وربما طرح من طرح اكتفاء بالرواية السابقة.

وأما من رواية مالك فهو داخل في الموطأ ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف والقعنبي، ومسلم عن يحيى بن يحيى، وأبو داود عن القعنبي، بروايتهم عن مالك.

وأما من رواية ابن جريج فقد رواه البخاري عن أبي عاصم عنه، ومسلم من طريق آخر، وأبو عيسى عن أحمد بن منيع عن [ ص: 211 ] روح بن عبادة عن ابن جريج، ورواه ابن ماجه عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري كما رواه ابن جريج.

ثم الحديث من الروايتين الأوليين مروي عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن رواية ابن جريج عن ابن عباس عن الفضل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن البخاري أن أصح شيء في الباب حديث ابن عباس عن الفضل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه يحتمل أن يكون ابن عباس سمعه من الفضل ومن غيره فتارة أسنده وأخرى أرسله ولم يذكر من سمعه منه.

ووراء ما ذكره احتمال وهو أن يكون ابن عباس حضر وشهد الحال ثم حدثه به الفضل فتارة روى عنه، وأخرى أخبر عما رأى.

وقولها: "إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا" فسر بأنه أسلم وهو شيخ كبير، ويجوز أن تريد أن فريضة الحج نزلت وهو شيخ كبير ولعله أسبق إلى الفهم.

وفي الحديث دليل على أنه يجوز الحج عمن يعجز عن مباشرته لكبر أو زمانة خلافا لقول مالك وأحمد حيث قالا: يجوز الحج عن العاجز الحي، وعلى أنه يجوز حج المرأة عن الرجل خلافا لقول بعضهم، واحتج به على أن العاجز إذا بذل ولده الطاعة في الحج عنه يلزمه الحج وإن لم يكن له مال; لأن أباها كان عاجزا عن المباشرة وإن لم يجر ذكر المال، وإنما الذي جرى ذكر الطاعة، ولمنازع أن ينازع في هذا الاحتجاج ويقول: إنها لم تسأل إلا عن جواز الحج عنه، وفيه المنع عن النظر، وأن المنكر يمنع منه فعلا وحسا كما يمنع عنه بالكلام.




الخدمات العلمية