الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
838 [ 542 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يلبس المحرم القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين . .

التالي السابق


الشرح

هذه أحاديث صحيحة: فحديث ابن عيينة عن عمرو عن أبي الشعثاء أخرجه البخاري عن أبي نعيم، ومسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، بروايتهما عن ابن عيينة، وأخرجه البخاري أيضا عن أبي الوليد عن شعبة عن عمرو بن دينار.

وحديث الزهري عن سالم رواه البخاري عن أحمد بن يونس عن إبراهيم بن سعد عن الزهري، وأبو داود السجستاني عن أحمد بن حنبل ومسدد، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري.

وحديث مالك عن نافع أخرجه البخاري عن عبد الله بن [ ص: 269 ] يوسف، ومسلم عن يحيى بن يحيى، بروايتهما عن مالك ، وفي الباب عن جابر.

وليس [للمحرم] بموجب هذه الأحاديث وما في معناها لبس القميص ولا العمامة ولا السراويل ولا الخف، ولو لبس شيئا منها من غير عذر لزمته الفدية; وإنما يلبس المحرم الإزار والرداء والنعلين، وإن احتاج إلى لبسها لحر أو برد أو مداواة عذر ولزمته الفدية، أما إذا احتاج المحرم إلى الحلق لدفع الأذى يحلق ويفدي، ولو لم يجد الرداء لم يلبس القميص ولكنه يرتدي به، ولو لم يجد الإزار فله لبس السراويل، وهل من فرق بين أن يتأتى فتق السراويل وإيجاد إزار من المفتوق أو لا فرق؟

فيه وجهان للأصحاب، والظاهر أنه لا فرق لإطلاق قوله: وإذا لم يجد الإزار لبس السراويل وإن لم يجد نعلين لبس المكعب أو قطع الخف أسفل من الكعب ليصير كالمكعب ولبسه، ولو لبس الخفين ولم يقطعهما لزمته الفدية; لحديث ابن عمر: وليقطعهما أسفل من الكعبين وقال أحمد: لا يلزمه القطع لإطلاق خبر ابن عباس، لكن يجوز أن يكون المقصد في حديثه بيان أنه يجوز لبس الخف حينئذ في الجملة من غير التعرض لشرطه، وللأصحاب وجهان في أنه هل يجوز لبس المكعب والمقطوع مع وجدان النعلين؟ في وجه يجوز; لأنهما في معنى النعل، والأصح المنع لتقييد الخبر بما إذا لم يجد النعلين، وإذا جاز لبس السراويل والخفين فلا فدية; لأن قضية الإطلاق نفي المؤاخذة، وقد قال: فليلبس الخفين، والسراويل يذكر ويؤنث ويجمع على سراويلات، وعن سيبويه أنه يصرف في النكرة كأنه [ ص: 270 ] اسم واحد; فإن سمي به رجل لم يصرف، وقال غيره: لا يصرف في النكرة أيضا، لأنه جمع سروال وسروالة وهو أعجمي معرب، قال الجوهري في الصحاح : والعمل على القول الأول، وسروله: ألبسه السراويل فتسرول، وحمامة مسرولة: في رجليها ريش.

والبرنس قيل: هو قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام، وقيل: البرنس كل ثوب رأسه ملتزق به دراعة كان أو جبة أو ممطرا، وتبرنس الرجل إذا لبس البرنس، وجميع ما ذكرنا في حق الرجال; فأما النساء فلهن لبس القميص وغيره على ما سيأتي.




الخدمات العلمية