الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
107 الأصل

[ 65 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، عن منصور بن عبد الرحمن الحجبي، عن أمه صفية بنت شيبة، عن عائشة قالت: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تسأله عن الغسل من الحيض؟

فقال: "خذي فرصة من مسك فتطهري بها"

فقالت: كيف أتطهر بها؟

قال: "تطهري بها".

قالت: كيف أتطهر بها؟

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سبحان الله، سبحان الله"، واستتر بثوبه، "تطهري بها"!
، فاجتبذتها وعرفت الذي أراد، فقلت: تتبعي بها آثار الدم يعني: الفرج.

التالي السابق


الشرح

منصور: هو ابن عبد الرحمن بن طلحة الحجبي.

سمع: أمه، و [مسافع] بن شيبة خاله.

وروى عنه: الثوري، وابن عيينة، وابن جريج، وفضيل بن سليمان [ ص: 201 ]

ويقال: إن ابن عيينة قال في روايته عنه: ثنا منصور التقي النقي.

وأمه صفية بنت شيبة بن عثمان الحجبية القرشية.

سمعت: عائشة، وأسماء بنتي أبي بكر.

وروى عنها: الحسن بن مسلم، ومنصور بن شيبة، وغيرهما.

والحديث صحيح أخرجه البخاري عن يحيى بن جعفر البيكندي، ومسلم عن عمرو الناقد وغيره، عن سفيان.

والفرصة: القطعة من القطن والصوف، يقال: فرصت الشيء أي: قطعته بالمفراص وهو حديدة يقطع بها، وذكر اللفظة بعضهم: قرضة بالقاف المفتوحة وبالضاد: وهي القطعة أيضا، ويقال: فرصة من مسك بفتح الميم أي: من جلد عليه صوف له شعر، والمسك: هو الذي رواه الشافعي وغيره، ويدل عليه ما في بعض الروايات: فإن لم تجدي فطيبا، فإن لم يكن فالماء كاف ويروى: فرصة ممسكة وقيل: في معناه إنه مأخوذ من المسك، وقيل: من التمسك باليد أي: محتملة تحتملينهما معك، يقال: مسكت بكذا وأمسكت وتمسكت، قال تعالى: والذين يمسكون بالكتاب أي: يتمسكون به.

وقولها: فاجتبذتها يقال: اجتذب واجتبذ، وجذب وجبذ، وهو من المقلوب [ ص: 202 ]

وفي الحديث بيان أنه يستحب للحائض أن تتبع أثر الدم بما يقطع رائحته الكريهة، وبيان شدة حياء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه يحسن استعمال كلمة التسبيح عند التعجب، وأنه ينبغي لمن استفتى وأجابه المفتي فلم يفهم أن يستقصي ويكرر، وأنه لا بأس بتكرر اللفظ الواحدة للتفهيم، وأنه يحسن إن حضرهما أن يفهم المستفتي إذا شاء فهمه إعانة له وللمفتي بالتخفيف عنه.

وقولها: وعرفت الذي أراد، قد سبق إلى الفهم منه أنها عرفت هذا الأدب حينئذ، فإن كان كذلك ففيه دليل على أنه لا بأس للزوج بأن لا يعلم زوجته الأدب الذي تحتاج إليه أو يؤخر التعليم، وقد يقال: إن المرأة سألته عن الغسل من المحيض فكيف قال في الجواب: خذي فرصة وليس هذا كيفية الغسل بل هو أدب من آدابه؟

والجواب: أنه يحتمل أن يكون المراد أنها سألت عن أدب الغسل من المحيض فحذف المضاف، ويحتمل أنه بين لها الغسل بأركانه وآدابه لكن الراوي اقتصر في الحديث على ذكر هذا الأدب للحاجة إليه عند الرواية.




الخدمات العلمية