الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                611 ص: حدثنا ربيع المؤذن ، قال: أنا أسد، قال: ثنا زكريا بن أبي زائدة، قال: ثنا داود بن أبي هند ، عن عامر ، عن علقمة ، قال: "سألت ابن مسعود ( هل كان مع النبي - عليه السلام - ليلة الجن أحد ؟ فقال: لم يصحبه منا أحد ، ولكن فقدناه ذات ليلة فقلنا: استطير أم اغتيل؟ فتفرقنا في الشعاب والأودية نلتمسه، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، نقول: استطير أم اغتيل؟ فقال: إنه أتاني داعي الجن، فذهبت أقرئهم القرآن، فأرانا آثارهم". .

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده صحيح على شرط مسلم ، وعامر هو الشعبي .

                                                وأخرجه مسلم : عن محمد بن المثنى ، عن عبد الأعلى ، عن داود ، عن عامر قال: "سألت علقمة هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله - عليه السلام - ليلة الجن؟ قال: فقال علقمة: أنا سألت ابن مسعود، هل صحب النبي - عليه السلام - ليلة الجن منكم أحد ؟ قال: ما صحبه منا أحد ... " إلى آخره نحوه، وفيه: "فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء" وفي آخره: "فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد، فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علف لدوابكم. وقال رسول الله - عليه السلام -: فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم".

                                                [ ص: 290 ] وأخرجه الترمذي : عن علي بن حجر ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن داود ، عن الشعبي ... إلى آخره نحوه، وفيه الزيادة: "وكانوا من جن الجزيرة".

                                                قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

                                                قوله: "فقدناه ذات ليلة" يقال: ذات يوم وذا يوم، وذات ليلة وذا ليلة، وهو كناية عن يوم وليلة، والمعنى: فقدناه مدة التي هي الليلة، والمعنى في التذكير: وقتا وزمانا الذي هو يوم.

                                                قوله: "استطير" على صيغة المجهول، أي ذهب به بسرعة، كأن الطير حملته، أو اغتاله أحد . والاستطارة والتطاير: التفرق والذهاب.

                                                وقال الجوهري: استطير الشيء أي: طير.

                                                قوله: "أم اغتيل" على صيغة المجهول أيضا، من: اغتال يغتال، من الغول -بالفتح - وهو البعد في السير، وكذلك المغاولة هي المبادرة في السير، والمعنى هاهنا: أم أخذ غيلة، والاغتيال: الاحتيال.

                                                قوله: "في الشعاب" -بكسر الشين- جمع شعب -بكسر الشين- وهو الطريق في الجبل.

                                                قوله: "نلتمسه" أي نطلبه، وهي جملة في موضع النصب على الحال عن الضمير الذي في "تفرقنا".

                                                قوله: "فقال إنه" أي: الشأن.




                                                الخدمات العلمية