الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                631 ص: حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: نا بشر بن عمر ، قال: أنا شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة: " أن امرأة استحيضت على عهد النبي -عليه السلام- فأمرت... " ثم ذكره نحوه، غير أنه لم يذكر تركها الصلاة أيام أقرائها ، ولا أيام حيضها.

                                                [ ص: 329 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 329 ] ش: إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود: ثنا عبيد الله بن معاذ، قال: ثنا أبي، قال: ثنا شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "استحيضت امرأة على عهد رسول الله -عليه السلام- فأمرت أن تعجل العصر وتؤخر الظهر وتغتسل لهما غسلا، وأن تؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل لهما غسلا، وتغتسل لصلاة الصبح. فقلت لعبد الرحمن: أعن النبي -عليه السلام-؟ فقال: لا أحدثك عن النبي -عليه السلام- بشيء".

                                                وأخرجه النسائي: وقال: أنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد، قال: ثنا شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه، عن عائشة: "أن امرأة مستحاضة على عهد رسول الله -عليه السلام- قيل لها: إنه عرق عاند، وأمرت أن تؤخر الظهر وتعجل العصر وتغتسل لهما غسلا واحدا، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل لهما غسلا واحدا، وتغتسل لصلاة الصبح غسلا واحدا".

                                                وذكر الدارمي في "سننه": أن المرأة المذكورة هي بادية بنت غيلان الثقفية، وقال: أخبرنا أحمد بن خالد، ثنا محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن القاسم: "أنها كانت بادية بنت غيلان الثقفية" وعن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه، عن عائشة قالت: "إنما هي سهلة بنت سهيل بن عمرو، واستحيضت، وأن رسول الله -عليه السلام- كان يأمرها بالغسل عند كل صلاة، فلما جهدها ذلك، أمر أن تجمع الظهر والعصر في غسل واحد، والمغرب والعشاء في غسل واحد، وتغتسل للصبح". أخبرنا أحمد بن خالد، ثنا محمد بن إسحاق ، عن سعد بن إبراهيم، قال إنما جاء اختلافهن، لأنهن كن عند عبد الرحمن بن عوف، فقال بعضهم: هي أم حبيبة، وقال بعضهم: هي بادنة، وقال بعضهم: هي سهلة بنت سهل.

                                                [ ص: 330 ] وقال ابن الأثير: في كتاب "الصحابة" في حرف الباء الموحدة: بادنة بنت غيلان الثقفية، روى القاسم بن محمد ، عن عائشة: "أن بادنة بنت غيلان أتت النبي -عليه السلام- فقالت: إني لا أقدر على الطهر، أفأترك الصلاة؟ فقال: ليست تلك بالحيضة، إنما ذلك عرق، فإذا ذهب قرء الحيض فارتفعي عن الدم، ثم اغتسلي وصلي".

                                                و: [بادنة هذه] هي التي قال عنها: هيت المخنث: "تقبل بأربع وتدبر بثمان"، أخرجها ابن منده وأبو نعيم .

                                                قوله: "أستحيضت" بضم الهمزة والتاء، معناه: استمر بها الدم.

                                                قوله: "عرق عاند"، بالنون: من العناد، شبه به لكثرة ما يخرج منه على خلاف عادته، وقيل: العاند الذي لا يرقأ، وقيل: العاند السائر.

                                                ومما يستفاد منه: وجوب الغسل ثلاث مرات في كل يوم وليلة، ثم إن النبي -عليه السلام- إنما أمرها بتعجيل العصر وتأخير الظهر، والاغتسال لهما غسلا واحدا، لما رأى أن الأمر قد طال عليها، وقد جهدها الاغتسال لكل صلاة، ورخص لها في الجمع بين الصلاتين بغسل واحد، كالمسافر الذي رخص له الجمع بين الصلاتين، على مذهب من يرى ذلك.

                                                وفيه حجة لمن رأى للمتيمم أن يجمع بين صلاتي فرض بتيمم واحد؛ لأن علتهما واحدة، وهي الضرورة.




                                                الخدمات العلمية