الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                753 ص: وقد بين ذلك وكشفه ما حدثنا حسين بن نصر ، قال: نا يوسف بن عدي، قال: نا حفص بن غياث ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال رسول الله -عليه السلام-: " لا تستنجوا بعظم ولا روث، ؛ فإنه زاد إخوانكم من الجن". .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي وقد أظهر ما قلنا من أنه نهى عن ذلك لأنه جعل زادا للجن، ما حدثنا.

                                                وقوله: "ما حدثنا" في محل الرفع على أنه فاعل "بين"، وإسناد هذا الحديث صحيح على شرط مسلم ، والشعبي هو عامر بن شراحيل .

                                                وأخرجه الترمذي: نا هناد، نا حفص بن غياث ... إلى آخره نحوه ولفظه: "لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام... ".

                                                ويستفاد منه: أن النهي عن ذلك إنما هو لكونه زادا للجن لا لأنه لا يطهر؛ لأنه علله بقوله: "فإنه زاد إخوانكم من الجن"؛ فحينئذ إذا استنجى به جاز بالنظر إلى كونه مطهرا صورة، ولكنه يأثم لارتكاب النهي.

                                                ويستفاد أيضا: وجود الجن، خلافا لمن أنكر ذلك، وأن من الجن مسلمين؛ بدليل قوله: إخوانكم؛ لأن إخواننا لا يكونون إلا مسلمين.

                                                فإن قيل: ما حقيقة الجن؟

                                                [ ص: 523 ] قلت: قال الجاحظ: الجن، والملائكة واحد؛ فمن طهر منهم فهو ملك، ومن خبث منهم فهو شيطان، ومن كان بين بين فهو جن.

                                                وقال الشريف السمرقندي: قال المليون: الروحانيات السماوية والأرضية أجسام لطيفة قادرة على التشكل بأشكال مختلفة، وسموا السماوية بالملائكة، والأرضية بالجن إن كانت غير شريرة، وبالشياطين إن كانت شريرة، وأنكرت الفلاسفة وأوائل المعتزلة كونها كذلك؛ أرادوا أنها ليست بأجسام، ولهم مناقشات كثيرة، وقال الرازي: قالت الفلاسفة: إنها جواهر قائمة بنفسها ليست بمتحيزة البتة، فمنهم من هي مستغرقة في معرفة الله فهم الملائكة المقربون، ومنهم مدبرات هذا العالم إن كانت خيرات فهم الملائكة الأرضية، وإن كانت شريرة فهم الشياطين.




                                                الخدمات العلمية