الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                989 ص: قالوا: وقد دل على ذلك أيضا ما قد روي عن النبي -عليه السلام- لما سئل عن مواقيت الصلاة ، فصلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله، ثم صلى الظهر في اليوم الثاني في ذلك الوقت بعينه، فدل ذلك على أنه وقت لهما جميعا.

                                                قال أبو جعفر : فيقال لهم: ما في هذا حجة توجب ما ذكرتم؛ لأن هذا قد يحتمل أن يكون أريد به أنه -عليه السلام- صلى الظهر في اليوم الثاني في قرب الوقت الذي صلى فيه العصر في اليوم الأول، وقد ذكرنا ذلك والحجة فيه في باب مواقيت الصلاة، والدليل على ذلك: قوله -عليه السلام-: "الوقت فيما بين هذين الوقتين" .

                                                فلو كان كما قاله المخالف لنا إذن لما كان بينهما وقت، أو كان ما قبلهما وما بعدهما وقت كله، ولكن ذلك دليل على أن كل صلاة من تلك الصلوات منفردة بوقت غير وقت غيرها من سائر الصلوات.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قال أهل المقالة الأولى، وهم الشافعي ومالك وأحمد ومن قال بقولهم: قد دل على ما قلنا من أن وقتي الظهر والعصر واحد ما قد روي عن النبي -عليه السلام-... إلى آخره، وهو ظاهر.

                                                قوله: "فيقال لهم" أي: أهل المقالة الأولى "ما في ما ذكرتم حجة" وبرهان، "توجب" أي: تقتضي "ما ذكرتم..." إلى آخره، وهو أيضا ظاهر، وقد مر تحقيقه في باب مواقيت الصلاة.

                                                [ ص: 280 ] قوله: "الحجة فيه" بالنصب إما بفعل محذوف أي: وذكرنا أيضا الحجة فيه، وإما على أنه مفعول لقوله: "وقد ذكرنا ذلك" أي: وقد ذكر ذلك مع الحجة فيه.

                                                قوله: "والدليل على ذلك" أي: على ما ذهبنا إليه من أنه -عليه السلام- قد صلى الصلاتين فيما بين هذين الوقتين، بيانه: أن قوله -عليه السلام-: "الوقت فيما بين هذين الوقتين" يقتضي أن يكون ما بين الوقتين اللذين صلى فيهما -عليه السلام- في اليومين المتواليين وقتا معلوما متميزا إذ لو كان كما قال هؤلاء؛ لما كان بين هذين الوقتين وقت، بل وذلك دليل على أن كل صلاة من الصلوات منفردة بوقت، مخصوصة به، لا تشارك غيرها من الصلوات ، ويؤيد ذلك أيضا حديث أبي هريرة : "إن للصلاة أولا وآخرا" أراد أن الصلاة محدودة بوقت معين، وأن كل واحدة من الصلوات الخمس تمتاز عن غيرها بوقتها الخاص لها، ولا تشارك صلاة أخرى في وقتها، وحديث ابن عباس أيضا: "لا تفوت صلاة حتى يجيء وقت الأخرى" .




                                                الخدمات العلمية