الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1556 1557 1558 1559 1560 1561 1562 1563 1564 1565 1566 1567 ص: فممن خالفه في ذلك: عبد الله بن مسعود، فروي عنه في ذلك عن النبي - عليه السلام - ما قد حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا أبو داود ، ووهب ، وأبو عامر ، قالوا: ثنا هشام الدستوائي ، عن حماد بن أبي سليمان ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: " كنا إذا صلينا خلف رسول الله - عليه السلام - قلنا: السلام على الله -عز وجل-، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، ، فالتفت إلينا رسول الله - عليه السلام - فقال: لا تقولوا السلام على الله; فإن الله تعالى هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله". .

                                                [ ص: 456 ] حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة ، عن حماد ... فذكر مثله بإسناده.

                                                حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا يحيى بن حماد ، قال: ثنا أبو عوانة ، عن سليمان ، عن شقيق ، عن عبد الله مثله.

                                                حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا وهيب بن خالد ، عن منصور بن المعتمر ، عن أبي وائل ، عن عبد الله مثله.

                                                حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا أبو أحمد ، قال: ثنا محل بن محرز (ح)

                                                وحدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا محل بن محرز ، قال: ثنا شقيق ... ، فذكر بإسناده مثله، وزاد حسين في حديثه قال: "وكانوا يتعلمونها كما يتعلم أحدكم السورة من القرآن".

                                                حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عمر بن حبيب، قال: ثنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، عن عبد الله ، قال: "أخذت التشهد من في رسول - عليه السلام - ولقنني إياها كلمة كلمة ... " ثم ذكر التشهد الذي في حديث أبي وائل . وزاد: "وقال: وكانوا يخفون التشهد ولا يظهرونه".

                                                حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: ثنا زهير، قال: ثنا مغيرة الضبي، قال: ثنا شقيق بن سلمة ... ثم ذكر مثل حديث حماد ومنصور وسليمان ومحل ، عن أبي وائل، غير أنه لم يقل: "وبركاته".

                                                حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا شعبة (ح).

                                                وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة (ح).

                                                وحدثنا علي بن شيبة ، قال: ثنا عبد الله بن موسى، قال: أنا إسرائيل ، كلاهما عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال: "كنا لا ندري ما نقول بين كل ركعتين، غير أنا نسبح ونكبر ونحمد ربنا، وأن محمدا - عليه السلام - علم فواتح الكلم [ ص: 457 ] وخواتمه، وقال: وجوامعه، فقال: إذا قعد أحدكم في الركعتين فليقل ... " ، ثم ذكر مثله.

                                                حدثنا الحسين بن نصر، قال: أنا شبابة بن سوار وعبد الرحمن بن زياد، قالا: ثنا المسعودي ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال: "علمنا رسول الله ، - عليه السلام - خطبة الصلاة ... " فذكر مثله.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي ممن خالف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من الصحابة -في التشهد الذي كان يأمر به- عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، وهذا بيان لقوله: "فقد خالفوه فيه، وعملوا بخلافه، وروى أكثرهم ذلك عن النبي - عليه السلام -" فلذلك ذكره بالفاء التفصيلية.

                                                ثم إنه أخرج حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - من اثني عشر طريقا:

                                                الأول: إسناد صحيح، عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي ، ووهب بن جرير بن حازم ، وأبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، ثلاثتهم عن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ونسبته إلى دستوا -بفتح الدال وضم التاء- كورة من كور الأهواز.

                                                عن حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة ، عن أبي وائل شقيق بن سلمة ، عن عبد الله بن مسعود .

                                                وأخرجه النسائي : عن إسماعيل بن مسعود ، عن خالد ، عن هشام ، عن حماد ، عن أبي وائل ... إلى آخره نحوه سواء.

                                                وهذا الحديث أخرجه الجماعة كلهم، قد ذكرنا ذلك كله في آخر باب "ما ينبغي أن يقال في الركوع والسجود".

                                                الثاني: وهو أيضا صحيح: عن حسين بن نصر بن المعارك ، عن عبد الرحمن بن زياد الثقفي الرصاصي ، عن شعبة ، عن حماد بن أبي سليمان ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود .

                                                [ ص: 458 ] وأخرجه أحمد في"مسنده" : ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة ، عن منصور وسليمان وحماد وأبي هاشم ومغيرة ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال: "كنا نقول في الصلاة: السلام على الله، السلام على جبريل، فقال لنا رسول الله - عليه السلام -: إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات ... " إلى آخره.

                                                الثالث: وهو أيضا صحيح: عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن يحيى بن حماد بن أبي زياد الشيباني أبي محمد البصري ، عن أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ، عن سليمان الأعمش ، عن شقيق بن سلمة ، عن عبد الله .

                                                وأخرجه الطبراني في "الكبير" : ثنا علي بن عبد العزيز ، وبشر بن موسى، قالا: ثنا أبو نعيم، ثنا الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال: "كنا إذا صلينا قلنا: السلام على الله، السلام على جبريل، فسمعنا النبي - عليه السلام -، فقال: إن الله هو السلام، فإذا جلس أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله ... " إلى آخره.

                                                الرابع: وهو أيضا صحيح: عن نصر بن مرزوق ، عن الخصيب بن ناصح البصري نزيل مصر، عن وهيب بن خالد بن عجلان البصري ، عن منصور بن المعتمر ، عن أبي وائل شقيق ، عن عبد الله .

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده" : ثنا أبو سعيد، نا زائدة ، عن منصور ، عن شقيق ، عن عبد الله قال: "كنا إذا صلينا خلف رسول الله - عليه السلام - يقول الرجل منا في صلاته: السلام على الله، السلام على فلان، يخص، فقال لنا رسول الله - عليه السلام – ذات يوم: إن الله -عز وجل- هو السلام، فإذا قعد أحدكم في صلاته فليقل: التحيات لله ... " إلى آخره.

                                                [ ص: 459 ] الخامس: وهو إسناد حسن: عن أبي بكرة بكار ، عن أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي الكوفي ، عن محل بن محرز الضبي الكوفي الأعور ، عن شقيق ، عن عبد الله .

                                                وأخرجه أبو عبد الله العدني في "مسنده": عن وكيع ، عن محل بن محرز ، عن أبي وائل ... إلى آخره نحوه.

                                                السادس: وهو أيضا مثله: عن حسين بن نصر ، عن أبي نعيم الفضل بن دكين ، عن محل بن محرز ، عن شقيق ... إلى آخره.

                                                وأخرجه الطبراني في "الكبير" : ثنا عبدان بن أحمد، نا عقبة بن مكرم، نا يونس بن بكير ، عن بشير بن المهاجر ، عن ابن بريدة ، عن أبيه.

                                                [وعن علي بن] عبد العزيز، ثنا أبو نعيم، ثنا محل بن محرز الضبي قال: سمعت شقيق بن سلمة يذكر عن عبد الله بن مسعود قال: "كانوا يصلون خلف النبي - عليه السلام -، فقال قائل منهم: السلام على الله، فقال: من القائل: السلام على الله؟ إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات ... " إلى آخره.

                                                السابع: إسناده ضعيف: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن عمر بن حبيب القاضي البصري; ضعفه يحيى بن معين، وقال: كان يكذب. وقال يعقوب بن سفيان: ضعيف لا يكتب حديثه. وضعفه النسائي أيضا، وهو يروي عن محمد بن إسحاق المدني ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه الأسود ، عن عبد الله .

                                                وأخرج الطبراني : عن عبدان بن أحمد ، عن أزهر بن مروان الرقاشي ، عن عبد الأعلى ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه، عن [ ص: 460 ] ابن مسعود: "أن رسول الله - عليه السلام - كان يتشهد في الصلاة، قال: فكنا نحفظ عن رسول الله - عليه السلام - كما نحفظ حروف القرآن -الواوات والألفات- قال: إذا جلس أحدكم على وركه اليسرى قال: التحيات لله، والصلوات ... " إلى آخره.

                                                وأخرجه البزار في "مسنده" : عن عبد الله بن سعيد ، عن يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه، عن عبد الله قال: "إن من السنة أن تخفي التشهد".

                                                وأخرجه الترمذي أيضا بهذا الإسناد، ثم قال: حديث حسن غريب، والعمل عليه عند أهل العلم.

                                                الثامن: وهو إسناد صحيح: عن حسين بن نصر بن المعارك ، عن أحمد بن عبد الله بن يونس شيخ البخاري ، عن زهير بن معاوية الكوفي ، عن مغيرة بن مقسم الضبي ، عن شقيق بن سلمة ، عن عبد الله ... إلى آخره.

                                                وأخرجه الطبراني في "الكبير" : ثنا علي بن عبد العزيز، نا أحمد بن يونس، ثنا زهير، ثنا مغيرة الضبي ، عن شقيق بن سلمة قال: قال عبد الله: "كنا نصلي خلف رسول الله - عليه السلام - فنقول: السلام على الله، قال: إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله ... " إلى آخره.

                                                التاسع: وهو أيضا صحيح: عن أبي بكرة بكار ، عن سعيد بن عامر الضبعي ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ، عن أبي الأحوص عوف بن مالك الأشجعي الكوفي ، عن عبد الله .

                                                وأخرجه النسائي : أنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت أبا إسحاق، يحدث عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال: "كنا لا ندري [ ص: 461 ] ما نقول في كل ركعتين غير أن نسبح ونكبر ونحمد ربنا، وإن محمدا - صلى الله عليه وسلم - علم فواتح الخير وخواتمه، فقال: إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله والصلوات ... " إلى آخره.

                                                العاشر: وهو أيضا صحيح: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ... إلى آخره.

                                                وأخرجه الطبراني في "الكبير" : ثنا محمد بن عبد الله الشافعي الحمصي، ثنا مزداد بن جميل ، عن محمد بن [مناذر] ، ثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص وأبي الكنود ، عن ابن مسعود قال: "كنا لا ندري ما نقول في كل ركعتين في الصلاة غير أن نكبر ونسبح ونحمد ربنا، وإن محمدا - صلى الله عليه وسلم - أعطي فواتح الخير وخواتمه، فقال: إذا قعدتم في التشهد فقولوا: التحيات لله، والصلوات ... " إلى آخره.

                                                الحادي عشر: وهو أيضا صحيح: عن علي بن شيبة بن الصلت السدوسي ، عن عبيد الله بن موسى بن أبي المختار الكوفي شيخ البخاري وأحمد ، عن إسرائيل بن يونس ، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله ، عن أبي الأحوص عوف بن مالك ، عن عبد الله .

                                                [ ص: 462 ] وأخرجه الطبراني أيضا: عن علي بن عبد العزيز ، عن عبد الله بن رجاء ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة وأبي الأحوص ، عن ابن مسعود، نحوه.

                                                قوله: "كلاهما" أي شعبة وإسرائيل .

                                                قوله: "علم فواتح" الكلمة على صيغة المجهول، والفواتح جمع فاتحة، وأراد بها ما يتوسل بها إلى غوامض المعاني وبدائع الحكم ومحاسن العبارات والألفاظ التي أغلقت على غيره.

                                                وأراد "بخواتمه": ما يختم به الكلام بحسن الاختتام والانتهاء على تمام المقصود.

                                                وأراد "بجوامعه": ما جمع الله له بلطفه في الألفاظ اليسيرة المعاني الكثيرة، واحدها: جامعة، أي: كلمة جامعة، وإنما ذكر الضمير في "خواتمه وجوامعه" باعتبار لفظ الكلم أو باعتبار المذكور، والكلم جمع كلمة، كالنبق جمع نبقة.

                                                الثاني عشر: وهو أيضا صحيح: عن الحسن بن نصر بن المعارك ، عن شبابة بن سوار الفزاري أبي عمرو المدائني ، وعبد الرحمن بن زياد الثقفي الرصاصي، كلاهما عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود المسعودي الكوفي ، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ، عن أبي الأحوص عوف بن مالك ، عن عبد الله .

                                                وأخرجه أبو عبد الله العدني في "مسنده": ثنا عيسى بن يونس ، عن أبيه، عن جده أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود قال: "أوتي رسول الله - عليه السلام - جوامع الخير وفواتحه -أو قال: فواتح الخير وجوامعه، شك أبوه- فعلمنا خطبة الصلاة، وخطبة الحاجة.

                                                فخطبة الصلاة: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

                                                [ ص: 463 ] وخطبة الحاجة: إن الحمد لله، نحمده ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم تصل خطبتك بثلاث آيات: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته الآية، و واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام الآية، و اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ".




                                                الخدمات العلمية