الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1850 ص: قال أبو جعفر : -رحمه الله-: فذهب قوم إلى هذا الحديث فقلدوه وجعلوه أصلا، فجعلوا صلاة الخوف ركعة واحدة.

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بالقوم هؤلاء: عطاء ، وطاوسا والحسن ومجاهدا والحكم بن عتيبة

                                                [ ص: 200 ] وقتادة وإسحاق والضحاك; فإنهم قالوا: صلاة الخوف ركعة واحدة. واحتجوا بالحديث المذكور، وقال ابن قدامة: والذي قال منهم: ركعة إنما جعلها عند شدة القتال.

                                                وروي مثله عن زيد بن ثابت ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، وجابر، قال جابر: "إنما القصر ركعة عند القتال".

                                                وقال إسحاق "يجزئك عند الشدة ركعة تومئ إيماء، فإن لم تقدر فسجدة واحدة، فإن لم تقدر فتكبيرة; لأنها ذكر الله تعالى".

                                                وعن الضحاك أنه قال: "ركعة، فإن لم تقدر كبر تكبيرة حيث كان وجهه".

                                                وقال القاضي: لا تأثير للخوف في عدد الركعات، وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم: ابن عمر والنخعي والثوري ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه، وسائر أهل العلم من علماء الأمصار لا يجيزون ركعة.

                                                ثم قال: والذين روينا عنهم صلاة النبي - عليه السلام - أكثرهم لم ينقصوا عن ركعتين، وابن عباس - رضي الله عنهما - لم يكن ممن يحضر النبي - عليه السلام - في غزواته، ولا نعلم ذلك إلا بالرواية عن غيره، فالأخذ برواية من حضر الصلاة وصلاها مع النبي - عليه السلام - أولى.

                                                وقال ابن حزم في "المحلى": من حضره خوف من عدو ظالم، أو كافر، أو باغ من المسلمين، أو من سيل، أو من نار، أو من حنش، أو سبع، أو غير ذلك، وهم في ثلاثة فصاعدا، فأميرهم مخير بين أربعة عشر وجها كلها قد صح عن رسول الله - عليه السلام - وسواء ها هنا الخائف من طالب بحق أو بغير حق.

                                                ثم قال: وروينا عن أبي هريرة أنه صلى بمن معه صلاة الخوف، فصلاها بكل طائفة ركعة، إلا أنه لم يقض ولا أمر بالقضاء.

                                                وعن ابن عباس: "يومئ بركعة عند القتال".

                                                وعن الحسن: "أن أبا موسى الأشعري صلى في الخوف ركعة".

                                                وعن معمر، عن عبد الله بن طاوس ، عن أبيه قال: "إذا كانت المسايفة فإنما هي ركعة يومئ إيماء حيث كان وجهه، راكبا كان أو ماشيا".

                                                [ ص: 201 ] وعن سفيان الثوري ، عن موسى بن عبيد، عن الحسن قال في صلاة المطاردة: "ركعة".

                                                وعن سفيان الثوري: حدثني سالم بن عجلان الأفطس: سمعت سعيد بن جبير يقول: "كيف تكون قصرا وهم يصلون ركعتين؟! وإنما هو ركعة ركعة يومئ بها حيث كان وجهه".

                                                وعن عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة قال: "سألت الحكم بن عتيبة وحماد بن أبي سليمان ، وقتادة عن صلاة المسايفة، فقالوا: ركعة حيث كان وجهه".

                                                وعن وكيع ، عن شعبة ، عن المغيرة بن مقسم ، عن إبراهيم مثل قول الحكم وحماد وقتادة .

                                                وعن أبي عوانة ، عن أبي بشر، عن مجاهد: "في قول الله -عز وجل-: فإن خفتم فرجالا أو ركبانا قال: في الغزو يصلي راكبا وراجلا، يومئ حيث كان وجهه، والركعة الواحدة تجزئه". وبه يقول سفيان الثوري ، وإسحاق بن راهويه .




                                                الخدمات العلمية