الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2107 2108 2109 2110 2111 2112 2113 2114 2115 2116 2117 2118 2119 ص: وقد تواترت الآثار أيضا عن النبي - عليه السلام - بسجوده في المفصل، فمن ذلك:

                                                ما حدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب ، قال: أخبرني قرة بن عبد الرحمن ، عن ابن شهاب وصفوان بن سليم ، عن عبد الرحمن بن سعد ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:

                                                [ ص: 508 ] " سجدت مع رسول الله - عليه السلام - في إذا السماء انشقت و اقرأ باسم ربك الذي خلق سجدتين".

                                                حدثنا ربيع المؤذن ، قال: ثنا شعيب بن الليث ، قال: ثنا الليث ، عن بكير بن عبد الله ، عن نعيم المجمر ، أنه قال: " صليت مع أبي هريرة فوق هذا المسجد فقرأ إذا السماء انشقت فسجد فيها وقال: رأيت النبي - عليه السلام - يسجد فيها".

                                                حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال: ثنا سعيد بن منصور ، قال: ثنا هشيم ، قال: أنا علي بن زيد ، عن أبي رافع ، قال: " صليت خلف أبي هريرة بالمدينة ، فقرأ إذا السماء انشقت فسجد فيها فلما فرغ من صلاته لقيته فقلت: أتسجد فيها؟ فقال: رأيت النبي - عليه السلام - يسجد فيها; فلن أدع ذلك".

                                                حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا روح بن عبادة ، قال: ثنا حماد ، قال: ثنا علي بن زيد ، قال: ثنا أبو رافع ، عن أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام - نحوه، غير أنه لم يذكر قوله: "فلن أدع ذلك".

                                                حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة ، عن مروان الأصفر ، حدثه عن أبي رافع ... ، فذكر مثله بإسناده وزاد: "فلن أدع ذلك حتى ألقاه".

                                                حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا الثوري وابن جريج وابن عيينة ، عن أيوب بن موسى، قال: ثنا عطاء بن مينا ، عن أبي هريرة قال: "سجدنا مع النبي - عليه السلام - في اقرأ باسم ربك و إذا السماء انشقت " .

                                                حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا أيوب بن موسى، قال: ثنا عطاء بن ميناء ، عن أبي هريرة قال: "سجدنا مع رسول الله - عليه السلام - اقرأ باسم ربك و إذا السماء انشقت ".

                                                حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا أبو داود ، وروح ، -واللفظ لأبي داود- قالا: ثنا هشام ، عن يحيى ، قال: ثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة: " أنه رآه يسجد في إذا السماء انشقت وقال: لو لم أر النبي - عليه السلام - يسجد فيها لم أسجد".

                                                [ ص: 509 ] حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي ، قال: ثنا الوليد ، عن الأوزاعي ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ... ، فذكر بإسناده مثله.

                                                حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح (ح).

                                                وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر، قالا: ثنا مالك ، عن عبد الله بن يزيد ، عن أبي سلمة: أن أبا هريرة قرأ بهم إذا السماء انشقت فسجد فيها، فلما انصرف حدثهم أن رسول الله - عليه السلام - سجد فيها".

                                                حدثنا ابن خزيمة ، وفهد ، جميعا قالا: ثنا عبد الله بن صالح ، قال: حدثني الليث ، قال: حدثني ابن الهاد ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: " أنه رأى أبا هريرة وهو يسجد في إذا السماء انشقت قال أبو سلمة: : فقلت له حين انصرف: سجدت في سورة ما رأيت الناس يسجدون فيها؟! فقال: لو لم أر النبي - عليه السلام - يسجد فيها لم أسجد". .

                                                حدثنا نصر بن مرزوق ، قال: ثنا أسد ، قال: ثنا ابن أبي ذئب ، عن عبد العزيز ابن عياش ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة: " أن رسول الله - عليه السلام - سجد في إذا السماء انشقت ".

                                                حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد ، قال: ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، عن رجلين ، كلاهما خير من أبي هريرة: " أن أحدهما سجد في إذا السماء انشقت و اقرأ باسم ربك الذي خلق وكان الذي سجد أفضل من الذي لم يسجد، فإن لم يكن عمر ، فهو خير من عمر - رضي الله عنه -".

                                                فهذا أبو هريرة قد تواترت عنه الروايات أنه سجد مع النبي - عليه السلام - أيضا في إذا السماء انشقت وإسلامه إنما كان بالمدينة، ، فكيف يجوز أن يقال له: إن رسول الله - عليه السلام - بعدما هاجر لم يسجد في المفصل؟!.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد تكاثرت الأحاديث أيضا عن النبي - عليه السلام - بأنه سجد في المفصل، ولم يرد به التواتر المصطلح عليه.

                                                [ ص: 510 ] قوله: "فمن ذلك ما حدثنا" أي: فمما تكاثر: حديث أبي هريرة، وأخرجه من أربعة عشر طريقا:

                                                الأول: إسناده على شرط مسلم: عن يونس بن عبد الأعلى شيخ مسلم أيضا، عن عبد الله بن وهب ، عن قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل أبي حيوئيل المصري وثقه ابن حبان، وروى له مسلم مقرونا بغيره وروى له الأربعة، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، وصفوان بن سليم المدني القرشي الزهري الفقيه روى له الجماعة، عن عبد الرحمن بن سعد المدني، وثقه ابن حبان .

                                                وأخرجه الدارقطني في "سننه" : ثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث، نا أحمد بن صالح، نا ابن وهب ... إلى آخره نحوه، وزاد في آخره: "سجدتين".

                                                الثاني: إسناده صحيح أيضا: عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي ، عن شعيب بن الليث ، عن الليث بن سعد ، عن بكير بن عبد الله ، عن نعيم بن عبد الله المجمر، وقد ذكرنا مرة أن الصحيح أن المجمر هو صفة عبد الله، وبه جزم ابن حبان، وقال النووي: ويطلق على ابنه نعيم مجازا، ونعيم هذا روى له الجماعة.

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده" : ثنا حجاج، نا ليث، حدثني بكير بن عبد الله ، عن نعيم بن عبد الله المجمر أنه قال: "صليت مع أبي هريرة ... " إلى آخره نحوه.

                                                الثالث: إسناده صحيح أيضا عن صالح بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن منصور ، عن هشيم بن بشير ، عن علي بن زيد ، عن أبي رافع نفيع الصائغ .

                                                وأخرجه الشيخان، وأبو داود ، والنسائي بألفاظ مختلفة:

                                                فالبخاري : عن مسدد، ثنا معتمر، قال: سمعت أبي، قال: حدثني بكر ، عن أبي رافع قال: "صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ إذا السماء انشقت

                                                [ ص: 511 ] فسجد، فقلت: ما هذه؟ قال: سجدت بها خلف أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -; فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه".


                                                ومسلم : عن عبيد الله بن معاذ ومحمد بن عبد الأعلى، قالا: ثنا المعتمر ... إلى آخره نحوه.

                                                وأبو داود : عن مسدد ... إلى آخره نحو رواية البخاري .

                                                والنسائي : عن حميد بن مسعدة ، عن سليم بن أخضر ، عن التيمي، قال: حدثني بكر بن عبد الله المزني ، عن أبي رافع قال: "صليت خلف أبي هريرة صلاة العشاء -يعني العتمة- فقرأ إذا السماء انشقت فسجد فيها، فلما فرغ قلت: يا أبا هريرة، هذه يعني سجدة ما كنا نسجدها قال: سجد بها أبو القاسم - عليه السلام - وأنا خلفه، فلا أزال أسجد بها حتى ألقى أبا القاسم - عليه السلام -".

                                                الرابع: مثله أيضا، عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن روح بن عبادة ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن أبي رافع نفيع الصائغ .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : ثنا هشيم، قال: أنا علي بن زيد بن جدعان ، عن أبي رافع قال: "صليت خلف أبي هريرة بالمدينة العشاء الآخرة، قال: فقرأ فيها إذا السماء انشقت فسجد فيها، فقلت: تسجد فيها؟ فقال: رأيت خليلي أبا القاسم سجد فيها".

                                                الخامس: عن أبي بكرة أيضا، عن روح بن عبادة أيضا، عن شعبة ، عن مروان الأصفر، ويقال له: مروان بن خاقان، وقيل: إنهما اثنان، وثقه ابن حبان .

                                                [ ص: 512 ] وأخرجه أحمد في "مسنده" : ثنا عبد الرحمن، نا شعبة ، عن مروان الأصفر وعطاء بن أبي ميمونة، أنهما سمعا أبا رافع قال: "رأيت أبا هريرة يسجد في إذا السماء انشقت قلت: تسجد فيها؟ قال: رأيت خليلي - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها، فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه".

                                                السادس: صحيح أيضا، عن أبي بكرة بكار أيضا، عن روح بن عبادة أيضا، عن سفيان الثوري وعبد الملك بن جريج وسفيان بن عيينة، ثلاثتهم عن أيوب بن موسى ، عن عطاء بن ميناء ، عن أبي هريرة وميناء -بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف بعدها النون- مولى ابن أبي ذباب المدني .

                                                وأخرجه مسلم : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد، قالا: ثنا سفيان بن عيينة ، عن أيوب بن موسى ، عن عطاء بن ميناء ، عن أبي هريرة قال: "سجدنا مع النبي - عليه السلام - في إذا السماء انشقت و اقرأ باسم ربك ".

                                                وأخرجه أبو داود : ثنا مسدد، نا سفيان ، عن أيوب بن موسى ، عن عطاء بن ميناء ، عن أبي هريرة نحوه.

                                                وأخرجه الترمذي : ثنا قتيبة، قال: ثنا سفيان بن عيينة ، عن أيوب بن موسى ... إلى آخره نحوه. وقال: حديث حسن صحيح.

                                                السابع: صحيح أيضا، عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي حذيفة النهدي موسى بن مسعود شيخ البخاري ، عن سفيان الثوري ... إلى آخره.

                                                وأخرجه النسائي : أنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنا سفيان ، عن أيوب بن موسى ، عن عطاء بن ميناء ، عن أبي هريرة .

                                                [ ص: 513 ] ووكيع ، عن سفيان ، عن أيوب بن موسى ، عن عطاء بن ميناء ، عن أبي هريرة قال: "سجدت مع رسول الله - عليه السلام - في إذا السماء انشقت و اقرأ باسم ربك ".

                                                وأخرجه ابن ماجه أيضا نحوه.

                                                الثامن: صحيح أيضا، عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي ، وروح بن عبادة كلاهما، عن هشام الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف .

                                                وأخرجه البخاري : ثنا مسلم ومعاذ بن فضالة، قالا: أنا هشام ، عن يحيى ، عن أبي سلمة قال: "رأيت أبا هريرة - رضي الله عنه - قرأ إذا السماء انشقت فسجد بها، فقلت: يا أبا هريرة، ألم أرك تسجد؟ قال: لو لم أر النبي - عليه السلام - يسجد لم أسجد".

                                                وأخرجه مسلم أيضا.

                                                التاسع: صحيح أيضا، عن محمد بن عبد الله ، عن الوليد بن مسلم الدمشقي ، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة عبد الله ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه الدارمي في "مسنده" : ثنا محمد بن يوسف، نا الأوزاعي ، عن يحيى ، عن أبي سلمة قال: "رأيت أبا هريرة يسجد في إذا السماء انشقت فقال: لو لم أر رسول الله - عليه السلام - يسجد فيها لم أسجد".

                                                العاشر: صحيح أيضا، عن أبي بكرة بكار ، عن روح بن عبادة ، عن مالك ، عن عبد الله بن يزيد القرشي المدني المقرئ الأعور ، عن أبي سلمة عبد الله ، عن أبي هريرة .

                                                [ ص: 514 ] وأخرجه مالك في "موطئه" .

                                                الحادي عشر: نحوه، عن إبراهيم بن مرزوق ، عن عثمان بن عمر بن فارس ، عن مالك ... إلى آخره.

                                                وأخرجه مسلم : نا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك ... إلى آخره نحوه.

                                                الثاني عشر: صحيح أيضا، عن محمد بن خزيمة وفهد بن سليمان، جميعا عن عبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن يزيد بن عبد الله بن شداد بن الهاد ، عن أبي سلمة عبد الله ... إلى آخره.

                                                وأخرجه السراج في "مسنده": ثنا الحسن بن سلام، ثنا أبو نعيم، ثنا شيبان ، عن يحيى ، عن أبي سلمة قال: "رأيت أبا هريرة قرأ بنا: إذا السماء انشقت فسجد فيها، فقلت: يا أبا هريرة، ألم أرك سجدت؟ قال: بلى، لو لم أر رسول الله - عليه السلام - يسجد فيها لم أسجد".

                                                الثالث عشر: نحوه، عن نصر بن مرزوق ، عن أسد بن موسى ، عن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذئب ، عن عبد العزيز بن عياش -بالياء آخر الحروف والشين المعجمة- عن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ، عن أبي سلمة .

                                                وأخرجه النسائي : أنا محمد بن رافع، قال: نا ابن أبي فديك، قال: أبنا ابن أبي ذئب ، عن عبد العزيز بن عياش ، عن ابن قيس ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال: "سجد رسول الله - عليه السلام - في إذا السماء انشقت ".

                                                الرابع عشر: صحيح أيضا، عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن مسدد [ ص: 515 ] شيخ البخاري ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة ... إلى آخره.

                                                وأخرج البيهقي : من حديث مسلم بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن بكر المزني، نا ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: "حدثني رجلان كلاهما خير مني إن لم يكن -أظنه قال:- أبو بكر وعمر فلا أدري من هو، أن أحدهما سجد في إذا السماء انشقت وفي اقرأ باسم ربك ".

                                                وأخرج أيضا ما يشابه هذا من حديث مرة ، عن ابن سيرين، نا أبو هريرة قال: "سجد أبو بكر وعمر في إذا السماء انشقت و اقرأ باسم ربك ومن هو خير منهما".

                                                قلت: أراد به النبي - عليه السلام -.

                                                قوله: "عن رجلين كلاهما خير من أبي هريرة" أراد بهما أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما -.

                                                قوله: "فهذا أبو هريرة قد تواترت عنه الروايات" أي تكاثرت وتتابعت، أنه سجد مع النبي - عليه السلام - أيضا في سورة إذا السماء انشقت والحال أن إسلامه كان بالمدينة في السنة السابعة من الهجرة كما ذكرنا عن قريب، فإذا كان كذلك; كيف يجوز أن يقال: إن رسول الله - عليه السلام - لم يسجد في المفصل -وهو السبع السابع- بعد هجرته؟! فدل ذلك كله على فساد ذلك القول، والله أعلم.




                                                الخدمات العلمية