الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2160 ص: وقد روي عن النبي - عليه السلام - في مثل ذلك ما قد حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق، قالا: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا عبد بن سعيد وهو ابن أبي هند ، عن حرب بن قيس ، عن أبي الدرداء أنه قال: "جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم جمعة على المنبر يخطب الناس، فتلا آية وإلى جنبي أبي بن كعب - رضي الله عنه - فقلت له: يا أبي، متى أنزلت هذه الآية؟ فأبى أن يكلمني، حتى إذا نزل رسول الله - عليه السلام - عن المنبر قال: ما لك من جمعتك إلا ما لغوت، ثم انصرف رسول الله - عليه السلام -، فجئته، فأخبرته، فقلت: يا رسول الله، إنك تلوت آية وإلى جنبي أبي بن كعب فسألته متى نزلت هذه الآية؟ فأبى أن يكلمني، حتى إذا نزلت زعم أنه ليس لي من جمعتي إلا ما لغوت. فقال: صدق، فإذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى ينصرف".

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي عن النبي - عليه السلام - في منع الكلام وقت الخطبة ووجوب الإنصات ولغو المتكلم مثل ما روي عن أبي هريرة عن النبي - عليه السلام -.

                                                أخرجه بإسناد صحيح، عن أبي بكرة بكار القاضي وإبراهيم بن مرزوق، كلاهما عن مكي بن إبراهيم بن بشير البلخي شيخ البخاري ، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند الفزاري أبي بكر المدني روى له الجماعة، عن حرب بن قيس المدني وثقه ابن حبان .

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده": ثنا مكي بن إبراهيم، نا عبد الله بن سعيد ، عن حرب بن قيس ، عن أبي الدرداء قال: "جلس رسول الله - عليه السلام - يوما على المنبر [ ص: 37 ] فخطب الناس وتلا آية. . . " إلى آخره نحو رواية الطحاوي غير أن في لفظه: "فأنصت حتى يفرغ".

                                                وأخرجه البيهقي: من حديث محمد بن جعفر، أخبرني شريك بن أبي نمر ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي ذر قال: "دخلت المسجد يوم الجمعة والنبي - عليه السلام - يخطب، فجلست قريبا من أبي بن كعب، فقرأ النبي - عليه السلام - سورة براءة، فقلت لأبي: متى نزلت هذه السورة؟ فحصر ولم يكلمني، فلما صلى رسول الله - عليه السلام - صلاته قلت لأبي: إني سألتك فبجهتني ولم تكلمني؟ فقال أبي: ما لك من صلاتك إلا ما لغوت، فذهبت إلى النبي - عليه السلام - فقلت: يا نبي الله، كنت بجنب أبي وأنت تقرأ براءة، فسألته: متى أنزلت هذه السورة؟ فبجهني ولم يكلمني، فقال أبي: ما لك من صلاتك إلا ما لغوت. فقال: صدق أبي".

                                                ثم قال البيهقي: رواه عبد الله بن جعفر ، عن شريك ، عن عطاء، فقال: عن أبي الدرداء وأبي بن كعب وجعل القصة بينهما، وكذا رواه حرب بن قيس عن أبي الدرداء، ورواه عيسى بن حارثة عن جابر بن عبد الله فذكر معناه بين ابن مسعود وأبي بن كعب، ورواه الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس أنها تمت بين رجل وبين ابن مسعود، وجعل المصيب ابن مسعود بدل أبي، وليس في الباب أصح من الأول.

                                                قلت: لكنه مرسل ; لأن عطاء بن يسار لم يدرك أبا ذر .

                                                وأخرجه ابن ماجه بوجه آخر: نا محرز بن سلمة العدني، نا عبد العزيز ابن محمد الدراوردي ، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي بن كعب: "أن رسول الله - عليه السلام - قرأ يوم الجمعة تبارك وهو قائم، فذكر بأيام الله، وأبو الدرداء أو أبو ذر يغمزني فقال: متى أنزلت هذه السورة؟ إني لم [ ص: 38 ] أسمعها إلا الآن. فأشار إليه أن اسكت، فلما انصرفوا قال: سألتك متى أنزلت هذه السورة فلم تخبرني؟ فقال أبي: ليس لك من صلاتك اليوم إلا ما لغوت، فذهب إلى رسول الله - عليه السلام - فذكر له ذلك، وأخبره بالذي قال أبي، فقال رسول الله - عليه السلام -: صدق أبي".




                                                الخدمات العلمية