الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2162 ص: وقد روي عن رسول الله - عليه السلام - في ذلك أيضا ما حدثنا ابن مرزوق ومحمد بن سليمان الباغندي، قالا: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا أبو عوانة ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن قرثع ، عن سلمان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتدرون ما الجمعة؟ قلت: الله ورسوله أعلم، ثم قال: أتدرون ما الجمعة؟ قلت: الله ورسوله أعلم. ثم قال: أتدرون ما الجمعة؟ قلت: الله ورسوله أعلم. ثم قال: أتدرون ما الجمعة؟ قلت في الثالثة أو الرابعة: هو اليوم الذي جمع فيه أبوك قال: لا، ولكن أخبرك عن الجمعة، ما من أحد يتطهر ثم يمشي إلى الجمعة ثم ينصت حتى يقضي الإمام صلاته إلا كان كفارة ما بينه وبين الجمعة التي قبلها ما اجتنبت المقتلة".

                                                حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا أبو عوانة ، عن مغيرة ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم، ثم ذكر بإسناده مثله.

                                                [ ص: 40 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 40 ] ش: أي قد روي عن رسول الله - عليه السلام - في منع الكلام وقت الخطبة ووجوب الإنصات أيضا ما حدثنا. . . إلى آخره.

                                                وأخرجه من طريقين صحيحين:

                                                أحدهما: عن إبراهيم بن مرزوق ، ومحمد بن سليمان الباغندي كلاهما، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ البخاري ، عن أبي عوانة الوضاح ابن عبد الله اليشكري عن مغيرة بن مقسم الضبي ، عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس النخعي ، عن قرثع الضبي الكوفي .

                                                وأخرجه الطبراني في "الكبير": ثنا محمد بن محمد التمار البصري، نا أبو الوليد الطيالسي، ثنا أبو عوانة ، عن مغيرة ، عن زياد بن كليب ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن قرثع ، عن سلمان - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - عليه السلام -: "يا سلمان، هل تدري ما يوم الجمعة؟ قلت: هو الذي جمع الله فيه أبويكم. قال: لا، ولكن أحدثك عن يوم الجمعة، ما من مسلم يتطهر ويلبس أحسن ثيابه ويصيب من طيب أهله إن كان لهم طيب وإلا فالماء، ثم يأتي المسجد، فينصت حتى يخرج الإمام، ثم يصلي، إلا كانت كفارة له بينه وبين الجمعة الأخرى ما اجتنبت المقتلة، وذلك الدهر كله".

                                                وأخرجه النسائي مختصرا.

                                                والآخر: عن أحمد بن داود المكي ، عن يحيى بن عبد الحميد الحماني ، عن أبي عوانة الوضاح ، عن مغيرة بن مقسم ، عن أبي معشر زياد بن كليب ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة ، عن قرثع الضبي ، عن سلمان ... إلى آخره.

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده": ثنا عفان، قال: نا أبو عوانة ، عن مغيرة ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن قرثع الضبي ، عن سلمان الفارسي [ ص: 41 ] قال: قال رسول الله - عليه السلام - أتدري ما يوم الجمعة؟ قلت: الله ورسوله أعلم. ثم قال: أتدري ما يوم الجمعة؟ قلت: الله ورسوله أعلم. ثم قال: أتدري ما يوم الجمعة؟ زعم سأله الرابعة قال: قلت: هو اليوم الذي جمع فيه أبوه أو أبوكم. قال النبي - عليه السلام -: ألا أحدثك عن يوم الجمعة، لا يتطهر رجل مسلم ثم يمشي إلى المسجد ثم ينصت حتى يقضي الإمام صلاته إلا كان كفارة لما بينها وبين الجمعة التي بعدها ما اجتنبت المقتلة".

                                                قوله: "أتدرون" الهمزة فيه للاستفهام وهو بصيغة الجمع هكذا، وفي رواية أحمد والطبراني كما ذكرناها "أتدري" بصيغة الإفراد، وهذه أصوب.

                                                قوله: "هو اليوم الذي جمع فيه أبوك" أراد أنه اليوم الذي جمع الله فيه بين آدم وحواء عليهما السلام، والدليل عليه ما جاء في رواية الطبراني: "هو الذي جمع الله فيه أبويكم"، وهذا جواب من سلمان عن سبب تسمية يوم الجمعة بالجمعة ولم يكن قصد النبي - عليه السلام - هذا فلذلك قال: "لا" وإنما كان قصده بيان فضيلة هذا اليوم، وبيان ما يحصل من الأجر والثواب لمن يتوجه إليها ويقضي حقوقها، فلذلك قال بالاستدراك "ولكن أخبرك عن الجمعة. . . " إلى آخره.

                                                قوله: "إلا كان كفارة ما بينه" أي إلا كان فعله المذكور من التطهر والمشي إلى الجمعة والإنصات إلى قضاء الإمام صلاته كفارة أي ساترة لما يرتكبه من الذنوب فيما بينه وبين الجمعة التي كانت قبل هذه الجمعة.

                                                قوله: "ما اجتنبت المقتلة" وفي رواية "ما اجتنبت المقتلة" بتأنيث الفعل ورفع المقتلة، وهكذا هي في روايتي أحمد والطبراني، والمقتلة -بالميم- مصدر ميمي بمعنى القتل.




                                                الخدمات العلمية