الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2167 [ ص: 44 ] ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو مسهر، قال: ثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن يحيى بن الحارث الذماري ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "من غسل واغتسل، وغدا وابتكر، ودنا من الإمام، فأنصت ولم يلغ، كان له مكان كل خطوة عمل سنة، صيامها وقيامها".

                                                حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان ، عن عبد الله بن عيسى ، عن يحيى بن الحارث، فذكر بإسناده مثله.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذان إسنادان رجالهما ثقات:

                                                الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني الدمشقي روى له الجماعة، عن سعيد بن عبد العزيز بن أبي يحيى التنوخي الدمشقي فقيه الشام بعد الأوزاعي، روى له الجماعة البخاري في غير "الصحيح"، عن يحيى بن الحارث الذماري أبي عمرو الدمشقي قارئ أهل الشام وإمام جامع دمشق، وثقه يحيى وغيره، وروى له الأربعة، ونسبته إلى ذمار بكسر الذال المعجمة وقيل بالفتح، وهي مدينة باليمن على مرحلتين من صنعاء، عن أبي الأشعث الصنعاني واسمه شراحيل بن آدة روى له الجماعة، البخاري في غير "الصحيح"، عن أوس بن أوس الثقفي الصحابي - رضي الله عنه -.

                                                وأخرجه النسائي: أنا محمود بن خالد، قال: حدثني عمر بن عبد الواحد، قال: سمعت يحيى بن الحارث يحدث، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أوس بن أوس الثقفي ، عن رسول الله - عليه السلام - قال: "من غسل. . . " إلى آخره نحوه.

                                                الثاني: عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الكوفي ، عن سفيان الثوري ، عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الكوفي ، عن يحيى بن الحارث الذماري ... إلى آخره.

                                                [ ص: 45 ] وأخرجه الترمذي: ثنا محمود بن غيلان، قال: أنا وكيع ، عن سفيان وأبي جناب يحيى بن أبي حبيب ، عن عبد الله بن عيسى ، عن يحيى بن الحارث ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من اغتسل يوم الجمعة وغسل، وبكر وابتكر، ودنا واستمع وأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة ; صيامها وقيامها".

                                                قال أبو عيسى: حديث أوس بن أوس حديث حسن.

                                                قوله: "من غسل" قال ابن الأثير في "النهاية": ذهب كثير من الناس أن غسل أراد به المجامعة قبل الخروج إلى الصلاة ; لأن ذلك يجمع غض الطرف في الطريق، يقال: غسل الرجل امرأته -بالتشديد والتخفيف- إذا جامعها وقد روي مخففا، وقيل: أراد غسل غيره واغتسل هو ; لأنه إذا جامع زوجته أحوجها إلى الغسل، وقيل: أراد بغسل غسل أعضاءه للوضوء ثم يغتسل للجمعة، وقيل: هما بمعنى واحد كرره للمبالغة.

                                                قوله: "وغدا" بالغين المعجمة من الغدو وهو سير أول النهار نقيض الرواح وقد غدا يغدو غدوا، والغدوة -بالضم- ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس.

                                                قوله: "وابتكر" وقد وقع في بعض الروايات، "وبكر وابتكر" كما في رواية الترمذي، أما بكر -بالتشديد- فمعناه أتى الصلاة في أول وقتها، وكل من أسرع إلى شيء فقد بكر إليه، وأما ابتكر فمعناه أدرك أول الخطبة، وأول كل شيء باكورته، وقيل: معنى اللفظتين واحد فعل وافتعل، وإنما كرر في بعض ألفاظ الحديث لأجل المبالغة.

                                                قوله: "ودنا من الإمام" أي قرب منه، من الدنو.

                                                قوله: "فأنصت" أي أصغى واستمع.

                                                قوله: "ولم يلغ" أي ولم يتكلم باللغو.

                                                [ ص: 46 ] قوله "صيامها وقيامها" بالرفع فيهما كلاهما على البدلية من "عمل سنة"، فافهم.




                                                الخدمات العلمية