الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                128 ص: حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي وعبد الغني بن أبي عقيل ، وأحمد بن عبد الرحمن قالوا: أبنا عبد الله بن وهب ، قال: أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم ومالك بن أنس ، عن عمرو بن يحيى المازني ، عن أبيه ، عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني ، عن رسول الله - عليه السلام -: " أنه أخذ بيده في وضوئه للصلاة ماء فبدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بيده إلى مؤخر الرأس، ثم ردهما إلى مقدمه". .

                                                قال مالك : : هذا أحسن ما سمعت في ذلك، وأعمه في مسح الرأس.

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده صحيح على شرط مسلم ، وعبد الأعلى وأحمد بن عبد الرحمن كلاهما من شيوخ مسلم ، ولقب أحمد بحشل، وعبد الله بن وهب عمه، والصدفي -بفتح الصاد والدال - نسبة إلى الصدف -بفتح الصاد وكسر الدال- واسمه عمرو بن مالك بن دعمي بن زياد بن حضرموت

                                                وعبد الغني بن أبي عقيل من شيوخ أبي داود ، واسم أبي عقيل: رفاعة بن عبد الملك الجمحي المصري

                                                والحديث أخرجه الجماعة، فالبخاري عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك ... إلى آخره.

                                                وأبو داود : عن عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ... إلى آخره.

                                                والترمذي : عن إسحاق بن موسى ، عن معن بن عيسى ، عن مالك .

                                                [ ص: 259 ] والنسائي : عن محمد بن [سلمة] والحارث بن مسكين ، كلاهما عن ابن القاسم ، عن مالك .

                                                وابن ماجه : عن الربيع بن سليمان وحرملة بن يحيى ، كلاهما عن الشافعي ، عن مالك .

                                                ومسلم : عن محمد بن الصباح ، عن خالد بن عبد الله ، عن عمرو بن يحيى بن عمارة ، عن أبيه، عن عبد الله بن يزيد بن عاصم الأنصاري وكانت له صحبة.

                                                وأخرجه محمد بن الحسن في "موطئه": وقال: أنا مالك بن أنس ، قال: أنا عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني ، عن أبيه يحيى ، أنه سمع جده أبا حسن يسأل عبد الله بن زيد بن عاصم - وكان من أصحاب رسول الله - عليه السلام - قال: "هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله - عليه السلام - يتوضأ؟ قال عبد الله بن زيد نعم، فدعا بوضوء، فأفرغ على يديه فغسل يديه مرتين، ثم تمضمض، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين، ثم مسح من مقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه" . قال محمد هذا حسن، والوضوء ثلاثا ثلاثا أفضل الوضوء، والاثنتان تجزئان، والواحدة إذا أسبغت تجزئ أيضا، وهو قول أبي حنيفة .

                                                واستنبط منه أحكام:

                                                الأول: استدلت به جماعة على أن الواجب مسح جميع الرأس ، على ما يجيء بيانه مستقصى عن قريب إن شاء الله تعالى.

                                                [ ص: 260 ] الثاني: فيه استيعاب الرأس بالمسح، والإجماع قائم على مطلوبيته، لكن هل ذلك على وجه الوجوب أو الندب؟ فيه خلاف نذكره إن شاء الله، والكيفية المذكورة في هذا الحديث هي المشهورة، وبه استدل أصحابنا على أن السنة في مسح الرأس البداية من مقدم الرأس ، وقال الحسن البصري : السنة البداية من الهامة فيضع يديه عليها ويمرهما إلى مقدم الرأس، ثم يعيدها إلى القفا، وهكذا روىهشام ، عن محمد ، والصحيح قول العامة; للحديث المذكور.

                                                وقال ابن أبي شيبة في "مصنفه": حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن نافع : "أن ابن عمر كان يمسح رأسه هكذا، ووضع أيوب كفه وسط رأسه، ثم أمرها إلى مقدم رأسه" .

                                                ثنا حماد بن مسعدة ، عن يزيد ، قال: "كان سلمة يمسح مقدم رأسه" .

                                                ثنا يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه "أنه كان يمسح رأسه هكذا: من مقدمه إلى مؤخره، ثم رد يديه إلى مقدمه" .

                                                وقال عبد الرزاق في "مصنفه": ثنا ابن جريج قال: أخبرني نافع "أن ابن عمر كان يضع بطن كفه اليمنى على الماء ثم لا ينفضها، ثم يمسح بها ما بين قرنيه إلى الجبين مرة واحدة لا يزيد عليها" .

                                                عبد الرزاق : عن معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر : "كان يدخل يده في الوضوء فيمسح بها مسحة واحدة اليافوخ فقط" .

                                                الثالث: أن المذكور في حديث الجماعة هو مسح الرأس مرة واحدة ، وبه قال [ ص: 261 ] أصحابنا، ولهذا قال أبو داود في "سننه": أحاديث عثمان - رضي الله عنه - الصحاح تدل على مسح الرأس أنه مرة; فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثا، وقالوا [فيها: و] مسح رأسه، ولم يذكروا عددا كما ذكروا في غيره.

                                                وعند الشافعي : يسن تكراره كالغسل.

                                                ويستدل بما رواه أبو داود : ثنا هارون بن عبد الله ، قال: ثنا يحيى بن آدم قال: أنا إسرائيل ، عن عامر [بن] شقيق بن جمرة ، عن شقيق بن سلمة قال: "رأيت عثمان بن عفان - رضي الله عنه - غسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا، ومسح رأسه ثلاثا، ثم قال: رأيت رسول الله فعل هذا" .

                                                وقال ابن قدامة في "المغني": ولا يسن تكرار مسح الرأس في الصحيح من المذهب، وهو قول أبي حنيفة ، ومالك ، وروي ذلك عن ابن عمر ، وابنه سالم ، والحسن ، والنخعي ، ومجاهد ، وطلحة بن مصرف ، والحكم قال الترمذي : والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - عليه السلام - ومن بعدهم، وعن أحمد أنه يسن تكراره، وهو مذهب الشافعي ، وروي عن أنس ، وقال ابن عبد البر : كلهم يقول: يمسح الرأس مسحة واحدة، إلا الشافعي قال: يمسح برأسه ثلاثا; لحديث أبي داود المذكور آنفا، ولنا أن عبد الله بن زيد وصف وضوء النبي - عليه السلام - قال: "ومسح برأسه مرة واحدة" متفق عليه، وحديث علي - رضي الله عنه - قال فيه: "ومسح برأسه مرة واحدة" .

                                                وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح، وكذا وصف عبد الله بن أبي أوفى ، وابن عباس ، وسلمة بن الأكوع ، والربيع ، كلهم قالوا: ومسح برأسه مرة واحدة، ولم يصح من أحاديثهم شيء صريح في تكرار المسح، أما حديث عثمان - رضي الله عنه - فرواه [ ص: 262 ] يحيى بن آدم ، وخالفه وكيع فقال: توضأ ثلاثا ثلاثا فقط، والصحيح عن عثمان أنه توضأ ثلاثا ثلاثا، ومسح برأسه، ولم يذكروا عددا كما ذكروا في غيره، وبقية أحاديثهم إنما [أرادوا] بها توضأ ثلاثا ثلاثا في غير المسح، فإن رواتها حين فصلوا الوضوء قالوا: ومسح برأسه مرة .

                                                قلت: ولهذا قال البيهقي : قد روي من أوجه غريبة عن عثمان ذكر التكرار في مسح الرأس، إلا أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة، وإن كان بعض أصحابنا يحتج بها.

                                                فإن قلت: قد روى الدارقطني في "سننه": عن محمد بن محمود الواسطي ، عن شعيب بن أيوب ، عن أبي يحيى الحماني ، عن أبي حنيفة ، عن خالد بن علقمة ، عن عبد خير ، عن علي - رضي الله عنه -: "أنه توضأ ... " الحديث، وفيه: "ومسح برأسه ثلاثا، ثم قال: هكذا رواه أبو حنيفة [عن خالد بن علقمة ] وخالفه جماعة (من) الحفاظ الثقات فرووه عن خالد بن علقمة ، فقالوا فيه: "ومسح رأسه مرة واحدة" ومع خلافه إياهم قال: إن السنة في الوضوء مسح الرأس مرة واحدة .

                                                قلت: الزيادة عن الثقة مقبولة ولا سيما من مثل أبي حنيفة ، وأما قوله: «فقد خالف في حكم المسح» غير صحيح; لأن تكرار المسح مسنون عند أبي حنيفة أيضا، صرح بذلك صاحب الهداية، ولكن بماء واحد.

                                                [ ص: 263 ] الرابع: احتج الشافعي بما في حديث مسلم من هذا الحديث، وهو: "فمضمض، واستنشق من كف واحد يفعل ذلك ثلاثا" أن السنة في الوضوء أن يتمضمض، ويستنشق ثلاثا من كف واحد، وهو وجه عنده.

                                                وفي "الروضة": وفي كيفيته وجهان: أصحهما: يتمضمض من غرفة ثلاثا، ويستنشق من أخرى ثلاثا، والثاني: بست غرفات.

                                                قلت: فعلى هذا ثلاثة أوجه عند الشافعي في المضمضة والاستنشاق، وهذه الأوجه الثلاثة منقولة عن أحمد ، وأما مذهب مالك فقد قال في "الجواهر": حكى ابن سابق في ذلك قولين: أحدهما: يغرف غرفة واحدة لفيه وأنفه، والثاني: يتمضمض ثلاثا في غرفة، ويستنشق ثلاثا في غرفة فقال: وهذا اختيار مالك ، والأول اختيار الشافعي .

                                                وفي "المغني": وهو مخير بين أن يمضمض ويستنشق ثلاثا من غرفة أو بثلاث غرفات فإن عبد الله بن زيد روى عن النبي - عليه السلام -: "أنه مضمض واستنشق واستنثر ثلاثا بثلاث غرفات" متفق عليه، وروى البخاري عنه: "أن النبي - عليه السلام - مضمض واستنشق ثلاثا ثلاثا من غرفة من واحدة" وروى الأثرم ، وابن ماجه : "أن رسول الله - عليه السلام - توضأ فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا من كف واحد" وإن أفرد لكل عضو ثلاث غرفات جاز; لأن الكيفية في الغسل غير [واجبة] .

                                                وفي "التلويح" شرح البخاري : والأفضل أن يتمضمض ويستنشق بثلاث غرفات كما في الصحاح وغيرها.

                                                ووجه ثان: يجمع بينهما بغرفة واحدة يتمضمض منها ثلاثا، ثم يستنشق منها ثلاثا، رواه علي بن أبي طالب ، عن النبي - عليه السلام - عند ابن خزيمة وابن حبان ، ورواه أيضا وائل بن حجر بسند ضعيف عند البزار .

                                                [ ص: 264 ] وثالث: يجمع بينهما بغرفة، وهو أن يتمضمض منها ثم يستنشق، ثم الثانية كذلك، ثم الثالثة.

                                                رواه عبد الله بن زيد ، عن النبي - عليه السلام - عند الترمذي ، وقال: حسن غريب.

                                                ورابع: يفصل بينهما بغرفتين يتمضمض من إحداهما ثلاثا، ثم يستنشق من الأخرى ثلاثا.

                                                وخامس: يفصل بست غرفات يتمضمض بثلاث، ويستنشق بثلاث. انتهى.

                                                قلت: استدل أصحابنا على ما قالوا بما رواه الترمذي : ثنا هناد وقتيبة ، قالا: ثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن أبي حية قال: "رأيت عليا - رضي الله عنه - توضأ، فغسل كفيه حتى أنقاهما، ثم مضمض ثلاثا، واستنشق ثلاثا، وغسل وجهه ثلاثا، وذراعيه ثلاثا، ومسح برأسه مرة، ثم غسل قدميه إلى الكعبين، ثم قام بأخذ فضل طهوره فشربه وهو قائم، ثم قال: أحببت أن أريكم كيف كان طهور رسول الله - عليه السلام - وقال: هذا حديث حسن صحيح.

                                                فإن قيل: لم يحك فيه أن كل واحدة من المضامض والاستنشاقات بماء واحد بل حكي أنه تمضمض ثلاثا، واستنشق ثلاثا.

                                                قلت: مدلوله ظاهرا ما ذكرناه، وهو أن يتمضمض ثلاثا، يأخذ لكل مرة ماء جديدا، ثم يستنشق كذلك، وهو رواية البويطي عن الشافعي ; فإنه روى عنه أنه يأخذ ثلاث غرفات للمضمضة، وثلاث غرفات للاستنشاق، وفي رواية غيره عنه في "الأم" يغرف غرفة يتمضمض منها ويستنشق، ثم يغرف غرفة يتمضمض بها ويستنشق، ثم يغرف ثالثة يتمضمض منها ويستنشق، فيجمع في كل غرفة بين المضمضة والاستنشاق، واختلف نصه في الكيفيتين، فنص في "الأم" -وهو نص مختصر المزني - أن الجمع أفضل، ونص البويطي أن الفصل أفضل، ونقله الترمذي عن الشافعي .

                                                [ ص: 265 ] قال النووي قال صاحب "المهذب": القول بالجمع أكثر في كلام الشافعي ، وهو أيضا أكثر في الأحاديث "الصحيحة" والجواب عن كل ما روي من ذلك فهو محمول على الجواز.

                                                وقال المرغيناني لو أخذ الماء بكفه وتمضمض ببعضه واستنشق بالباقي جاز، وعلى عكسه لا يجوز لصيرورة الماء مستعملا، والجواب عما ورد في الحديث "فتمضمض واستنشق من كف واحد" أنه مجمل؛ لأنه يحتمل أنه تمضمض واستنشق بكف واحد بماء واحد، ويحتمل أنه فعل ذلك بكف واحد بمياه، والمحتمل لا تقوم به حجة، أو يرد هذا المحتمل إلى المحكم الذي ذكرناه؛ توفيقا بين الدليلين، وقد يقال: إن المراد: استعمال الكف الواحد بدون الاستعانة بالكفين كما في الوجه، وقد يقال: إنه فعلهما باليد اليمنى; ردا على قول من يقول: يستعمل في الاستنشاق اليد اليسرى; لأن الأنف موضع الأذى كموضع الاستنجاء، كذا في "المبسوط".

                                                وفيه نظر لا يخفى، وأما وجه الفصل بينهما كما هو مذهبنا:

                                                فما رواه الطبراني : عن طلحة بن مصرف ، عن أبيه، عن جده كعب بن عمرو اليامي "أن رسول الله - عليه السلام - توضأ فمضمض ثلاثا، واستنشق ثلاثا، فأخذ لكل واحدة ماء جديدا" .

                                                وكذا روى عنه أبو داود في "سننه": وسكت عنه، وهو دليل رضاه بالصحة.

                                                ثم اعلم أن السنة أن تكون المضمضة والاستنشاق باليمنى ، وقال بعضهم: المضمضة باليمنى والاستنشاق باليسار; لأن الفم مطهرة والأنف مقذرة، واليمين للأطهار، واليسار للأقذار، ولنا ما روي عن الحسن بن علي - رضي الله عنه -: "أنه استنثر بيمينه فقال له معاوية : جهلت السنة فقال: كيف أجهل والسنة من بيوتنا خرجت؟! [ ص: 266 ] أما علمت أن النبي - عليه السلام - قال: اليمين للوجه، واليسار للمقعد" كذا ذكره صاحب "البدائع".

                                                والترتيب بينهما سنة ، ذكره في الخلاصة; لأنه لم ينقل عن النبي - عليه السلام - في صفة وضوئه إلا هكذا، وهما سنتان في الوضوء، واجبتان في الغسل عندنا، وبه قال الثوري .

                                                وقال الشافعي : هما سنتان فيهما جميعا. وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري ، والزهري ، والحكم ، وقتادة ، وربيعة ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ومالك ، والأوزاعي ، والليث ، وهو رواية عن عطاء وأحمد .

                                                وقال أحمد -في المشهور عنه-: إنهما واجبتان فيهما، وهو مذهب ابن أبي ليلى ، وحماد ، وإسحاق، ورواية عن عطاء .

                                                والمذهب الرابع: أن الاستنشاق واجب في الوضوء والغسل دون المضمضة ، وهو مذهب أبي ثور ، وأبي عبيد ، ورواية عن أحمد ، قال ابن المنذر : وبه أقول.

                                                واحتجوا بما رواه البخاري ومسلم : عن أبي هريرة أن النبي - عليه السلام - قال: "من توضأ فليجعل في أنفه ماء، ثم لينتثر" .

                                                قلنا: هذا محمول على الاستحباب.

                                                ثم "المضمضة" تحريك الماء في الفم، قال ابن سيده : مضمض، وتمضمض. وكماله أن يجعل الماء في فيه، ثم يديره ويمجه، وأقله أن يجعل الماء في فيه، ولا يشترط إدارته على مشهور مذهب الشافعي ، وقال جماعة من أصحابه: يشترط، وفي "شرح البخاري للركني ": المضمضة أصلها مشعر بالتحريك، ومنه مضمض النعاس في عينيه إذا تحرك، واستعمل في المضمضة لتحريك الماء في الفم.

                                                وأما "الاستنشاق": فهو إدخال الماء في الأنف، وقال ابن طريف نثر الماء في أنفه: دفعه، وأما الاستنثار فزعم ابن سيده أنه يقال: استنثر إذا استنشق الماء ثم [ ص: 267 ] استخرج ذلك بنفس الأنف، والنثرة: الخيشوم وما والاه، وتنشق واستنشق الماء في أنفه: صبه في أنفه، وفي "جامع القزاز": نثرت الشيء أنثره وأنثره إذا بددته، فأنت ناثر، والشيء منثور، قال: والمتوضئ يستنشق إذا جذب الماء بريح أنفه، ثم يستنثره، وفي "الغريبين": يستنشق أبي يبلغ الماء خياشيمه، ويقال: نثر، وانتثر، واستنثر، إذا حرك النثرة وهي طرف الأنف، وذكر ابن الأعرابي وابن قتيبة : الاستنشاق والاستنثار واحد.




                                                الخدمات العلمية