الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2678 2679 ص: وقد روي عن رسول الله - عليه السلام - في ذلك أيضا ما حدثنا أحمد بن داود ، قال : ثنا أبو الوليد ، قال : ثنا همام ، عن قتادة ، عن أنس رضي الله عنه - ، أن رسول الله - عليه السلام قال : " من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها ، قال همام : فسمعت قتادة يحدث من بعد ذلك فقال : وأقم الصلاة لذكري " .

                                                حدثنا فهد ، قال : ثنا أبو الوليد ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي - عليه السلام - قال : " من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها "

                                                .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي عن النبي - عليه السلام - في ما ذهب إليه أهل المقالة الثانية ما حدثنا . . . إلى آخره .

                                                وهذان إسنادان صحيحان :

                                                أحدهما : عن أحمد بن داود المكي ، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ البخاري ، عن همام بن يحيى بن دينار البصري ، عن قتادة .

                                                وأخرجه الجماعة ، فالبخاري : عن أبي نعيم وموسى بن إسماعيل ، كلاهما عن همام ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي - عليه السلام - قال : "من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها ، لا كفارة لها إلا ذلك وأقم الصلاة لذكري [ ص: 159 ] ومسلم : عن هداب بن خالد ، عن همام . . . . إلى آخره نحوه .

                                                وأبو داود : عن محمد بن كثير ، عن همام . . . . إلى ، آخره نحوه ، وليس فيه : وأقم الصلاة لذكري

                                                والترمذي : عن قتيبة وبشر بن معاذ ، كلاهما عن أبي عوانة ، عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله - عليه السلام - : "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها " .

                                                والنسائي : عن قتيبة ، عن أبي عوانة . . . . إلى آخره نحو رواية الترمذي .

                                                وابن ماجه : عن نصر بن علي الجهضمي ، عن يؤيد بن زريع ، عن حجاج ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : "سئل النبي - عليه السلام - عن الرجل يغفل عن الصلاة أو يرقد عنها ؟ قال : يصليها إذا ذكرها .

                                                والطريق الآخر : عن فهد بن سليمان ، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك ، عن أبي عوانة الوضاح اليشكري ، عن قتادة . . . . إلى آخره .

                                                وأخرجه الترمذي : والنسائي : نحوه كما ذكرناه الآن .

                                                قوله : "إذا ذكرها " أي إذا ذكر تلك الصلاة ، وهذا القيد ليس للوجوب ، حتى لو صلاها بعد ذلك يجوز ، وقد اختلفوا في قضاء الفائتة هل هو على الفور ؟ والصحيح أن قضاء الفائتة بعذر ليس على الفور ، ولكن يستحب قضاؤها على الفور ، وحكى البغوي وجها عن الشافعي أنه على الفور ، وأما الفائتة بلا عذر فالأصح قضاؤها على الفور ، وقيل : له التأخير كما في الأول . [ ص: 160 ] قوله : "لذكري " بكسر الراء وياء الإضافة ، والمعنى لأوقات ذكري ، وهي مواقيت الصلاة ، أو لذكر صلاتي ، وقيل : لأن أذكرك بالثناء أو لذكري خاصة لا ترائي بها ولا تشوبها بذكر غيري ، وقيل : لذكري لأني ذكرتها في الكتب وأمرت بها .

                                                ويستفاد منه أمور :

                                                الأول : في قوله : "إذا ذكرها " دليل على وجوب قضاء الفائتة سنة سواء تركها بعذر كنوم ونسيان أو بغير عذر .

                                                فإن قلت : الحديث مقيد بالنسيان .

                                                قلت : لخروجه على سبب ، ولأنه إذا وجب القضاء على العذر فغيره أولى بالوجوب ، وهو من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى .

                                                الثاني : قال النووي : فيه دليل على قضاء السنن الراتبة .

                                                قلت : لا دليل فيه ; لأن قوله : "من نسي صلاة " صلاة الفرض بدلالة القرينة .

                                                الثالث : فيه دليل على أن أحدا لا يصلي عن أحد ، وهو حجة على الشافعي .

                                                الرابع : فيه دليل على أن الصلاة لا تجبر بالمال كما يجبر الصوم وغيره ، اللهم إذا كانت عليه صلوات فائتة فحضره الموت فأوصى بالفدية عنها ; فإنه يجوز كما بين ذلك في الفروع



                                                الخدمات العلمية