الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2811 2812 ص: حدثنا علي بن شيبة ، قال : ثنا يحيى بن يحيى ، قال : أنا عبد الوارث بن سعيد ، عن حسين بن ذكوان ، قال : حدثني عبد الله بن بريدة ، عن سمرة بن جندب ، قال : " صليت خلف النبي - عليه السلام - على أم كعب ، ماتت وهي نفساء ، فقام رسول الله - عليه السلام - للصلاة عليها وسطها " .

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا عفان ، قال : ثنا همام ، قال : ثنا حسين المعلم ، . . فذكر بإسناده مثله .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذان طريقان صحيحان ورجالهما رجال الصحيح ما خلا ابن شيبة وابن مرزوق ، ويحيى بن يحيى النيسابوري شيخ الشيخين .

                                                والحديث أخرجه الجماعة :

                                                فالبخاري : عن عمران بن ميسرة ، عن عبد الوارث ، عن حسين ، عن ابن بريدة ، حدثنا سمرة بن جندب قال : "صليت وراء النبي - عليه السلام - على امرأة ماتت في نفاسها ، فقام عليها وسطها " .

                                                وعن مسدد ، عن يزيد بن زريع عن حسين به .

                                                ومسلم : عن يحيى بن يحيى ... إلى آخره ، نحو رواية الطحاوي . [ ص: 303 ] وأبو داود : عن مسدد ، عن يزيد بن زريع ، عن حسين أن . . . إلى آخره نحو رواية البخاري .

                                                والترمذي : عن علي بن حجر ، عن عبد الله بن المبارك والفضل بن موسى ، عن الحسين المعلم ... إلى آخره نحوه .

                                                والنسائي : عن علي بن حجر . . . إلى آخره نحوه .

                                                وابن ماجه : عن علي بن محمد ، عن أبي أسامة ، عن الحسين . . . إلى آخره نحوه .

                                                قوله : "وهي نفساء " جملة اسمية وقعت حالا ، والنفساء -بضم النون وفتح الفاء وبالمد- قال الجوهري : النفاس ولادة المرأة إذا وضعت فهي [نفساء وعشراء] ويجمع على نفساوات وعشروات ، وامرأتان نفساوان . انتهى .

                                                وعن ثعلب : النفساء الوالدة والحامل والحائض .

                                                وقال ابن سيده : والجمع من كل ذلك نفساوات ونفاس ونفاس ونفاس ونفس ونفس ونفس ونفس .

                                                قلت : نفاس بكسر النون ، ونفاس بضمها وتخفيف الفاء فيهما ، ونفاس بالضم والتشديد ، ونفس كذلك ، ونفس كذلك إلا أن الفاء مخففة ، ونفس بضمتين والتخفيف ، ونفس بضم النون وسكون الفاء . [ ص: 304 ] قوله : "وسطها " قال عياض : كذا ضبطناه عن أبي يحيى وغيره بسكون السين ، وكذا ضبطه الجياني ، وأما ابن دينار فقد قال : وسط الدار ووسطها معا . وقال النووي : هو بسكون السين . وذكر ابن قرقول عن بعضهم فتحها .

                                                قلت : قد ذكرنا أن الوسيط بالسكون يقال في ما كان متفرق الأجزاء غير متصل كالناس والدواب وغير ذلك ، فإذا كان متصل الأجزاء كالدار والرأس فهو بالفتح ، فعلى هذا ينبغي أن يكون وسطها ها هنا بالفتح ، ويقال : كل منهما يقع موقع الآخر ، فعلى هذا يجوز فيه الفتح والسكون .

                                                وفيه من الفوائد : أن يقوم الإمام بحذاء وسط الميت مطلقا ، ومشروعية الجماعة في صلاة الجنازة ، واستدل به بعضهم على أن النفساء لها حكم الطهارة ، وأن الدم الموجود بها لا يوجب نجاستها ، ومن ذلك قال السفاقسي وابن بطال : قصد البخاري في الباب -يعني باب الصلاة على النفساء الذي ذكر البخاري فيه هذا الحديث- أن النفساء وإن كانت لا تصلي فهي طاهر ، لها حكم غيرها من النساء ممن ليست نفساء ; لأنه - عليه السلام - لما صلى عليها أوجب لها حكم الطهارة ، وليس كون الدم موجودا بها يوجب أن تكون نجسة ، وهذا يرد على من زعم أن الآدمي ينجس بموته ; لأن هذه النفساء أجمعت الموت وحمل النجاسة بالدم اللازم لها ، فلما صلى - عليه السلام - عليها ، وأبان سنته فيها كان الميت الطاهر الذي لا تسيل منه نجاسة أولى بإيقاع اسم الطهارة عليه ، وقال القرطبي : تأول بعضهم صلاة النبي - عليه السلام - على أم كعب وسط جنازتها من أجل جنينها حتى يكون أمامه .




                                                الخدمات العلمية