الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2860 2861 2862 2863 2864 2865 2866 2867 2868 2869 2870 2871 2872 2873 2874 ص: ثم قد روي عن أكثر أصحاب رسول الله - عليه السلام - في صلاتهم على جنائزهم أنهم كبروا فيها أربعا ، فمما روي عنهم في ذلك :

                                                ما حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن عامر بن شقيق ، عن أبي وائل : " أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جمع أصحاب رسول الله - عليه السلام - فسألهم عن التكبير على الجنازة ، فأخبر كل واحد منهم بما رأى وبما سمع ، فجمعهم عمر - رضي الله عنه - على أربع تكبيرات كأطول الصلوات : صلاة الظهر " .

                                                حدثنا يزيد بن سنان ، قال : ثنا يحيى القطان ، قال : ثنا إسماعيل ، عن عامر ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن أبزى ، قال : "صلينا مع عمر بن الخطاب على زينب بالمدينة ، فكبر عليها أربعا " .

                                                حدثنا يزيد ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، قال : ثنا عمير بن سعيد ، قال : " صليت مع علي - رضي الله عنه - على يزيد بن المكفف فكبر عليه أربعا " .

                                                حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا مسعر ، عن عمير مثله .

                                                حدثنا علي بن شيبة ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : أنا إسماعيل بن أبي خالد ، قال : سمعت عمير بن سعيد . . فذكر مثله .

                                                حدثنا علي ، قال : ثنا قبيصة ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن عمير بن سعيد ، عن علي - رضي الله عنه - مثله .

                                                حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : ثنا الخصيب ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن أبي حصين ، عن موسى بن طلحة ، قال : " شهدت عثمان بن عفان - رضي الله عنه - صلى على جنائز رجال ونساء ، فجعل الرجال مما يليه والنساء مما يلي القبلة ، ثم كبر عليهم أربعا " . [ ص: 366 ] حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفيان ، عن زيد بن طلحة ، قال : " صليت خلف ابن عباس - رضي الله عنهما - على جنازة فكبر عليها أربعا " .

                                                حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا أبو اليمان ، قال : أنا شعيب ، عن الزهري ، قال : أنا أبو أمامة بن سهل بن حنيف ، وكان من كبراء الأنصار وعلمائهم ، وأبناء الذين شهدوا بدرا مع رسول الله - عليه السلام - ، أن رجلا من أصحاب النبي - عليه السلام - أخبره : " أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب سرا في نفسه ، ثم يختم الصلاة في التكبيرات الثلاث ، . قال الزهري : فذكرت الذي أخبرني أبو أمامة من ذلك لمحمد بن سويد الفهري ، فقال : وأنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث ، عن حبيب بن مسلمة ، في الصلاة على الجنازة مثل الذي حدثك أبو أمامة . .

                                                حدثنا ابن أبي داود ، وقال : ثنا أحمد بن يونس ، قال : ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق : أن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - كبر على علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أربعا ، . وهذا خلاف ما كان عمر 5 وعلي - رضي الله عنهما - يريانه في أهل بدر ، أن يكبر في الصلاة عليهم ما جاوز الأربع "

                                                حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا مسعر ، عن ثابت بن عبيد ، قال : " صليت خلف زيد بن ثابت على جنازة ، فكبر عليها أربعا ، وصليت خلف أبي هريرة على جنازة فكبر عليها أربعا " .

                                                حدثنا فهد ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، قال : ثنا موسى بن يعقوب ، قال : حدثني شرحبيل بن سعد ، قال : "صلى بنا عبد الله بن عباس على جنازة فكبر أربع تكبيرات " .

                                                حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا إسرائيل ، عن مهاجر أبي الحسن ، قال : "صليت خلف البراء بن عازب على جنازة فقال : اجتمعتم ؟ فقلنا : نعم ، فكبر أربعا " . [ ص: 367 ] حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا إسرائيل ، عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال : "صليت خلف أبي هريرة - رضي الله عنه - على جنائز من رجال ونساء ، فسوى بينهم وكبر أربعا " .

                                                التالي السابق


                                                ش: أخرج عن تسعة أنفس من الصحابة - رضي الله عنهم - أنهم كانوا يكبرون على الجنازة أربع تكبيرات ، وهم : عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عباس وحبيب بن مسلمة والحسن بن علي وزيد بن ثابت والبراء بن عازب وأبو هريرة - رضي الله عنهم - تأكيدا لما ذكره من انتساخ حكم الزائد على الأربع .

                                                أما أثر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فأخرجه من طريقين صحيحين :

                                                الأول : عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن مؤمل بن إسماعيل القرشي ، عن سفيان الثوري ، عن عامر بن شقيق بن جمرة -بالجيم والراء- الكوفي وثقه ابن حبان ، عن أبي وائل شقيق بن سلمة الكوفي . . . إلى آخره .

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه " : من حديث الثوري ، عن عامر بن شقيق ، عن أبي وائل قال : "كانوا يكبرون على عهد رسول الله - عليه السلام - سبعا وخمسا وستا وأربعا ، فجمع عمر - رضي الله عنه - أصحاب رسول الله - عليه السلام - فأخبر كل رجل بما رأى ، فجمعهم عمر - رضي الله عنه - على أربع تكبيرات كأطول الصلاة " .

                                                الثاني : عن يزيد بن سنان القزاز ، عن يحيى بن سعيد القطان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر الشعبي ، عن عبد الرحمن بن أبزى المختلف في صحبته . . . إلى آخره .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه " : ثنا حفص بن غياث ووكيع ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن عبد الرحمن بن أبزى قال : "ماتت زينب [ ص: 368 ] بنت جحش فكبر عليها عمر أربعا ، ثم سأل أزواج النبي - عليه السلام - من يدخل قبرها ؟ فقلن من كان يدخل عليها في حياتها " .

                                                قلت : ماتت زينب بنت جحش بن رباب الأسدية أم المؤمنين سنة عشرين من الهجرة ، وكانت أول نساء النبي - عليه السلام - لحوقا به - رضي الله عنها - .

                                                وأما أثر علي بن أبي طالب فأخرجه من أربع طرق صحاح :

                                                الأول : عن يزيد بن سنان ، عن يحيى القطان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عمير بن سعيد النخعي الأصبهاني أبي يحيى الكوفي روى له الجماعة -سوى الترمذي - حديثا واحدا .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه " : ثنا حفص ، ثنا حجاج ، عن عمير بن سعيد قال : "صليت خلف علي - رضي الله عنه - على يزيد بن المكفف يكبر عليه أربعا " .

                                                الثاني : عن أبي بكرة بكار ، عن أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي الكوفي ، عن مسعر بن كدام ، عن عمير بن سعيد . وأخرجه البيهقي في "سننه " : من حديث مسعر ، عن عمير بن سعيد النخعي قال : "صليت خلف علي - رضي الله عنه - على ابن المكفف فكبر عليه أربعا ثم أتى قبره فقال : اللهم عبدك وولد عبدك نزل بك وأنت خير منزل به ، اللهم وسع له مداخله ، واغفر له ذنبه ، فإنا لا نعلم إلا خيرا وأنت أعلم به " .

                                                الثالث : عن علي بن شيبة بن الصلت السدوسي ، عن يزيد بن هارون الواسطي شيخ أحمد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عمير بن سعيد .

                                                الرابع : عن علي بن شيبة أيضا ، عن قبيصة بن عقبة السوائي الكوفي شيخ البخاري ، عن سفيان الثوري ، عن سليمان الأعمش ، عن عمير بن سعيد . [ ص: 369 ] وأما أثر عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فأخرجه بإسناد صحيح : عن سليمان بن شعيب ، عن الخصيب -بفتح الخاء المعجمة- ابن ناصح الحارثي البصري نزيل مصر ، وثقه ابن حبان . عن أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري روى له الجماعة ، عن أبي حصين -بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين- عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي روى له الجماعة . عن موسى بن طلحة بن عبيد الله أبي محمد التيمي المدني روى له الجماعة .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة مختصرا : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن شعبة ، عن أبي حصين ، عن موسى بن طلحة ، عن عثمان - رضي الله عنه - : "أنه صلى على رجل وامرأة ، فجعل الرجل مما يليه " .

                                                ويستفاد منه :

                                                أن الجنائز إذا اجتمعت من الرجال والنساء ، فالسنة أن يجعل الإمام الرجال مما يليه والنساء مما يلي القبلة .

                                                وفي "الموطأ " : عن مالك : "أنه بلغه أن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وأبا هريرة - رضي الله عنهم - كانوا يصلون على الجنائز بالمدينة الرجال والنساء ، فيجعلون الرجل مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة " .

                                                وإلى هذا ذهب الشعبي والنخعي والزهري وأبو حنيفة والشافعي ومالك وأحمد ، وفي "العيون " اجتمع جنائز جعل الرجل مما يلي الإمام ثم الصبي ثم الخنثى ، ثم النساء بالإجماع .

                                                وفي "المصنف " : عن سالم والقاسم : "النساء مما يلي الإمام ، والرجال مما يلي القبلة " وكذا عن ليث وعطاء بن أبي رباح . [ ص: 370 ] وفي "المغني " فإن اجتمع جنائز رجال ونساء ، فعن أحمد فيه روايتان :

                                                إحداهما : يسوي بين رءوسهم ، وهذا اختيار القاضي ، وقول إبراهيم وأهل مكة ، ومذهب أبي حنيفة .

                                                والرواية الثانية : أنه يصف الرجال صفا والنساء صفا ويجعل وسط النساء عند صدور الرجال . وهذا اختيار أبي الخطاب .

                                                وأما أثر ابن عباس - رضي الله عنهما - فأخرجه من طريقين حسنين :

                                                الأول : عن أبي بكرة بكار ، عن أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي الكوفي ، عن سفيان الثوري ، عن زيد بن طلحة التيمي والد يعقوب بن زيد ، وثقه ابن حبان .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه " : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن زيد بن طلحة قال : "شهدت ابن عباس كبر على جنازة أربعا " .

                                                الثاني : عن فهد بن سليمان ، عن سعيد بن الحكم بن أبي مريم المصري شيخ البخاري ، عن موسى بن يعقوب بن عبد الله المدني ، وعن يحيى : ثقة . وعن ابن المديني : ضعيف الحديث . وعن أبي داود : صالح . روى له الأربعة .

                                                عن شرحبيل بن سعد أبي سعد المدني مولى الأنصاري ، وثقه ابن حبان ، وضعفه يحيى ، وروى له أبو داود وابن ماجه .

                                                وأما أثر حبيب بن مسلمة بن مالك القرشي الفهري ، مختلف في صحبته ، قال الواقدي : مات النبي - عليه السلام - ولحبيب بن مسلمة اثنتي عشرة سنة . وقال البخاري : له صحبة . [ ص: 371 ] فأخرجه بإسناد صحيح :

                                                عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أبي اليمان الحكم بن نافع شيخ البخاري ، عن شعيب بن أبي حمزة دينار الحمصي روى له الجماعة ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن أبي أمامة أسعد أو سعد بن سهل بن حنيف روى له الجماعة ، عن رجل من الأصحاب وفيه قال الزهري وهو محمد بن مسلم : محمد بن سويد بن كلثوم القرشي الفهري ابن أخي الضحاك بن قيس ، وثقه ابن حبان ، وروى له النسائي .

                                                وهو يروي عن الضحاك بن قيس الفهري ، ذكره عبد الغني في الصحابة ، وذكره ابن حبان في التابعين الثقات .

                                                وهذا الأثر أخرجه الشافعي في "مسنده " : أنا مطرف بن مازن ، عن معمر ، عن الزهري ، أخبرني أبو أمامة بن سهل ، أنه أخبره رجل من الصحابة : "أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه ، ثم يصلي على النبي - عليه السلام - ، ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات ، لا يقرأ في شيء منهن ، ثم يسلم سرا في نفسه " .

                                                وبه عن الزهري : حدثني محمد الفهري ، عن الضحاك بن قيس ، مثل قول أبي أمامة .

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه " : من طريق الشافعي ، وأخرجه الحكم : من حديث يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني أبو أمامة ، أخبرني رجال من أصحاب رسول الله - عليه السلام - في الصلاة على الجنازة : "أن يكبر الإمام ثم يصلي على النبي - عليه السلام - [ ص: 372 ] ويخلص الدعاء في التكبيرات الثلاث ، ثم يسلم تسليما خفيا حين ينصرف ، والسنة أن يفعل من وراءه مثل ما فعل إمامه .

                                                قال الزهري : حدثني بذلك أبو أمامة ، وابن المسيب يسمع فلم ينكر ذلك عليه ، فقال ابن شهاب : فذكرت الذي أخبرني أبو أمامة من السنة في الصلاة على الميت لمحمد بن سويد ، فقال : وأنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث ، عن حبيب بن مسلمة في صلاة صلاها على الميت مثل الذي حدثك أبو أمامة " .

                                                قال الحكم : هذا صحيح على شرطهما ولم يخرجاه .

                                                وأخرج النسائي في "سننه " : أنا قتيبة ، قال : نا الليث ، عن ابن شهاب ، عن أبي أمامة أنه قال : "السنة في الصلاة على الجنازة : أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة ثم يكبر ثلاثا ، والتسليم عند الآخرة " .

                                                أنا قتيبة قال : نا الليث ، عن ابن شهاب ، عن محمد بن سويد الفهري الدمشقي ، عن الضحاك بن قيس ، بنحو ذلك .

                                                ويستفاد منه أحكام :

                                                الأول : أن تكبيرات الجنازة أربع .

                                                الثاني : فيه قراءة فاتحة الكتاب ، وللعلماء فيه أقوال :

                                                فقال أبو حنيفة وأصحابه : لا قراءة في صلاة الجنازة أصلا ، ولكن لو قرأ على وجه الثناء لا بأس بها .

                                                وقال الشافعي وأحمد : قراءة الفاتحة سنة .

                                                وقال ابن قدامة في "المغني " : يكبر الأولى ثم يستعيذ ويقرأ الحمد يبتدئ بها ببسم الله الرحمن الرحيم ، ولا يسن الاستفتاح . وقال ابن المنذر : كان الثوري يستحب أن يستفتح في صلاة الجنازة ، وروي عن أحمد مثله . [ ص: 373 ] ثم قال : قراءة الفاتحة واجبة في صلاة الجنازة وبه قال الشافعي وإسحاق ، وروي ذلك عن ابن عباس ، وقال الثوري والأوزاعي ومالك وأبو حنيفة : لا يقرأ فيها بشيء من القرآن . انتهى .

                                                وعن ابن عون : "كان الحسن البصري يقرأ بالفاتحة في كل تكبيرة على الجنازة " قال ابن بطال : وهو قول شهر بن حوشب ، وقال الضحاك : اقرأ في التكبيرتين الأوليين بفاتحة الكتاب ، وكان مكحول يفعل ذلك .

                                                وفي "المحلى " : صلى المسور بن مخرمة فقرأ في التكبيرة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة قصيرة ورفع بها صوته ، فلما فرغ قال : لا أجهل أن تكون هذه الصلاة عجماء ولكني أردت أن أعلمكم أن فيها قراءة .

                                                وفي بعض شروح البخاري : وممن كان لا يقرأ فيها ابن عمر وابن سيرين وأبو العالية وفضالة بن عبيد وأبو بردة بن أبي موسى وعطاء والشعبي وطاوس وبكر المزني وميمون بن مهران وسالم ، وإليه ذهب أبو حنيفة ومالك والثوري والأوزاعي وسعيد بن جبير والحكم ، ويروى ذلك عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة - رضي الله عنهم - .

                                                وفي "شرح المهذب " : قراءة الفاتحة فرض في صلاة الجنازة بلا خلاف عندنا ، قال : والأفضل أن يقرأها بعد التكبيرة الأولى ; فإن قرأها بعد تكبيرة أخرى غير الأولى جاز ، ويستحب التأمين عقيب الفاتحة ، وفي قراءة السورة وجهان ; الأصح لا يستحب ، وفي دعاء الاستفتاح وجهان ; الأصح لا يأتي به ، وأما التعوذ فذكر عن بعض الأصحاب يستحب أن لا يأتي به ، وعند بعضهم يستحب .

                                                قال : وفي التكبيرة الثانية يصلي على النبي - عليه السلام - الصلاة المعروفة في التشهد ، قال : وجمهور أصحابنا على فرضيتها ، ونقل عن المروزي أنها سنة والصواب الأول .

                                                قال : واتفقت نصوص الشافعي على أن الدعاء في الثالثة فرض وركن من أركانها ، وهل يشترط تخصيص الميت بالدعاء ، فيه وجهان : [ ص: 374 ] أحدهما : لا يشترط بل يكفي الدعاء للمؤمنين ، والميت يدخل فيه ضمنا .

                                                والثاني : وهو الصحيح : يشترط تخصيصه بالدعاء .

                                                الثالث : فيه إسرار القراءة ، قال ابن قدامة : ويسر القراءة والدعاء في صلاة الجنازة ولا نعلم بين أهل العلم فيه خلافا ، وروي عن ابن عباس أنه جهر بفاتحة الكتاب ، قال أحمد : إنما جهر ليعلمهم . والله أعلم .

                                                وأما أثر الحسن بن علي - رضي الله عنهما - فأخرجه بإسناد صحيح : عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أحمد بن يونس ، وهو أحمد بن عبد الله بن يونس ينسب إلى جده ، وهو شيخ البخاري ومسلم وأبي داود .

                                                يروي عن إسرائيل بن يونس ، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه " : ثنا حفص بن عطية ، عن خليفة بن روق ، عن مولى للحسن بن علي : "أن الحسن بن علي صلى على علي - رضي الله عنه - فكبر عليه أربعا " .

                                                قوله : "وهذا خلاف ما كان عمر وعلي يريانه " أراد أن مذهبهما أن البدريين يكبر عليهم في صلاتهم بما يجاوز الأربع ، وعلي بدري بلا خلاف ، ولما صلى عليه ابنه الحسن لم يزد على أربع .

                                                وأما أثر زيد بن ثابت - رضي الله عنه - فأخرجه أيضا بإسناد صحيح عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الكوفي ، عن مسعر بن كدام ، عن ثابت بن عبيد الأنصاري الكوفي ، مولى زيد بن ثابت ، روى له الجماعة البخاري في غير "الصحيح " .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه " : ثنا وكيع ، عن مسعر ، عن ثابت بن عبيد : "أن زيد بن ثابت كبر أربعا ، وأن أبا هريرة كبر أربعا " . [ ص: 375 ] وأما أثر البراء بن عازب - رضي الله عنه - فأخرجه أيضا بإسناد صحيح : عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أحمد بن يونس ، عن إسرائيل بن يونس ، عن مهاجر أبي الحسن التيمي الكوفي الصائغ روى له الجماعة سوى ابن ماجه .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه " : ثنا وكيع ، عن مسعر ، عن مهاجر أبي الحسن قال : "صليت خلف البراء على جنازة فكبر أربعا " .

                                                وأما أثر أبي هريرة - رضي الله عنه - فأخرجه أيضا بإسناد صحيح : عن إبراهيم بن أبي داود ، عن أحمد بن يونس ، عن إسرائيل بن يونس ، عن عثمان بن عبد الله بن موهب التيمي أبي عمرو المدني الأعرج ، روى له الجماعة سوى أبي داود .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه " : عن ابن نمير ، عن الحجاج ، عن عثمان بن عبد الله ، نحوه .




                                                الخدمات العلمية