الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3018 3019 ص: وقد روي عن أبي سعيد الخدري في ذلك أيضا ما حدثنا فهد ، قال : ثنا الحسن بن الربيع ، قال : ثنا أبو إسحاق ، عن سفيان ، عن عمران البارقي ، عن عطية بن سعد ، عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - عليه السلام - : "لا تحل الصدقة لغني إلا أن تكون في سبيل الله ، أو ابن السبيل ، أو يكون له جار فيتصدق عليه فيهدي له أو يدعوه .

                                                حدثنا عبد الرحمن بن الجارود ، قال : ثنا عبيد الله بن موسى ، قال : ثنا ابن أبي ليلى ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن النبي - عليه السلام - مثله .

                                                فأباح رسول الله - عليه السلام - الصدقة للرجل إذا كان في سبيل الله أو ابن السبيل ، فقد أجمع ذلك الصحيح وغير الصحيح ; فدل ذلك أيضا على أن الصدقة إنما تحل بالفقر ، كانت معه الزمانة أو لم تكن .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي : وقد روي عن أبي سعيد سعد بن مالك الخدري ، عن النبي - عليه السلام - فيما ذكرنا من أن الصحة والقدرة على الكسب لا تمنع حل الصدقة إذا كان سؤاله عن حاجة .

                                                وأخرجه من طريقين :

                                                الأول : عن فهد بن سليمان ، عن الحسن بن الربيع بن سليمان القسري الكوفي شيخ الجماعة غير الترمذي ، عن أبي إسحاق الفزاري واسمه إبراهيم بن محمد بن [ ص: 39 ] الحارث الكوفي روى له الجماعة ، عن سفيان الثوري ، عن عمران البارقي وثقه ابن حبان ، وروى له أبو داود عن عطية بن سعد بن جنادة العوفي ضعفه النسائي وأحمد وأبو حاتم ، وعن يحيى : صالح . وروى له أبو داود والترمذي والنسائي .

                                                وأخرجه أبو داود : ثنا محمد بن عوف الطائي ، ثنا الفريابي ، عن سفيان ، عن عمران البارقي ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - عليه السلام - : "لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله ، أو ابن السبيل ، أو جار فقير يتصدق عليه ، فيهدي لك أو يدعوك " .

                                                والثاني : عن عبد الرحمن بن الجارود بن عبد الله الكوفي ، عن عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي الكوفي شيخ البخاري ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعن يحيى : ليس بذاك . وعنه لين . روى له الأربعة .

                                                عن عطية بن سعد ، عن أبي سعيد .

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده " : ثنا وكيع ، نا ابن أبي ليلى ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - عليه السلام - : "لا تحل الصدقة لغني إلا لثلاثة : في سبيل الله ، وابن السبيل ، ورجل كان له جار فتصدق عليه ، فأهدى له " .

                                                قوله : "في سبيل الله " هو منقطع الغزاة عند أبي يوسف ; لأنه المتفاهم عند الإطلاق وعند محمد : منقطع الحاج .

                                                قوله : "أو ابن السبيل " وهو من له مال في وطنه وهو في مكان لا شيء له فيه ، وإنما سمي ابن السبيل لأنه لزم السفر ، ومن لزم شيئا نسب إليه ، كما يقال : ابن الغني وابن الفقير .

                                                قوله : "فيتصدق عليه " على صيغة المجهول .

                                                [ ص: 40 ] قوله : "فيهدي " أي : فيهدي ذلك الجار الذي يتصدق عليه له -أي : للغني- أو يدعوه إلى ضيافته .

                                                قوله : "فقد أباح رسول الله - عليه السلام - . . . إلى آخره " بيانه : أنه - عليه السلام - أباح الصدقة لمن يكون في سبيل الله أو ابن السبيل ، ولم يقيد ذلك بالصحة ، بل جمع بين الصحيح وغيره ; فدل ذلك أن الصدقة إنما تحل للفقر سواء كانت معه زمانة أو لم تكن ، وقد ذكر في هذا الحديث ثلاثة أصناف :

                                                الأولان : يجوز لهما أخذ الصدقة وإن كانا غنيين في الواقع ، ولكنهما فقيران في الحال .

                                                وأما الثالث : فكذلك يجوز له أخذ الصدقة وإن كان غنيا ; لأنها خرجت من ملك المتصدق بقبول الفقير ، فخرجت عن حكم سائر الصدقات ، فحل للغني حينئذ أن يقبل ذلك إذا أهدي إليه ، أو يأكل منها أن عزم عليه ، فافهم .




                                                الخدمات العلمية