الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3031 ص: قال أبو جعفر -رحمه الله- : فكانت المسألة التي أباحها رسول الله - عليه السلام - في هذه الآثار كلها هي للفقر لا لغيره ، وكان تصحيح هذه الآثار عندنا يوجب أن من قصد إليه النبي - عليه السلام - بقوله : " لا تحل الصدقة لذي مرة سوي " هو من استثناه من ذلك في حديث وهب بن خنبش ، بقوله : "إلا من فقر مدقع أو غرم مفظع " ، وأنه الذي يريد بمسألته أن يكثر ماله ويستغني بمال الصدقة حتى تصحح هذه الآثار وتتفق معانيها ولا تتضاد ، وهذا المعنى الذي حملنا عليه وجوه هذه الآثار هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله .

                                                التالي السابق


                                                ش: أشار بهذا الكلام إلى أن العلة في إباحة السؤال هي الفقر والحاجة لا غير ، وإنما يحرم إذا كان للتكثر والاستغناء بمال الصدقة .

                                                وهذا هو وجه تصحيح معاني الأحاديث المذكورة ، وإن لم يحمل معناها على ما ذكرنا يلزم التضاد بين معانيها والاختلاف ، فلذلك قلنا : إن قوله - عليه السلام - : " لا تحل الصدقة لذي مرة سوي " الذي رواه عبد الله بن عمرو بن العاص المذكور في أول الباب ; محمول على ما إذا سأل تكثرا ، وهو غير من استثناه - عليه السلام - بقوله : "إلا من فقر

                                                [ ص: 58 ] مدقع أو غرم مفظع " الذي رواه وهب بن خنبش وبهذا التوفيق تتفق معاني الأحاديث المذكورة ويرتفع الخلاف .

                                                ثم اعلم أنه صرح أن وهبا الذي أخرج عنه فيما مضى هو ابن خنبش ، وقد ذكرنا الاختلاف فيه ، والله أعلم .




                                                الخدمات العلمية