الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                [ ص: 247 ] 3158 3159 ص: وقد روي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أيضا ما يدل على هذا المعنى .

                                                حدثنا ابن أبي عمران ، قال : ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، قال : ثنا شريك ، عن عبد الله بن عيسى ، عن ابن جبر ، عن أنس بن مالك قال : " كان رسول الله - عليه السلام - يتوضأ بالمد وهو رطلان " .

                                                حدثنا فهد ، قال : ثنا سعيد بن منصور ، قال : ثنا شريك ، عن عبد الله بن عيسى ، عن عبد الله -يعني ابن جبر - عن أنس بن مالك قال : "كان رسول الله - عليه السلام - يتوضأ برطلين ويغتسل بالصاع " .

                                                فهذا أنس قد أخبر أن مد رسول الله - عليه السلام - رطلان ، والصاع أربعة أمداد ، فإذا ثبت أن المد رطلان ، ثبت أن الصاع ثمانية أرطال .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي : قد روي عن أنس ما يدل على أن الصاع ثمانية أرطال ، وهو قوله : " كان رسول الله - عليه السلام - يتوضأ بالمد وهو رطلان " ، فقد أخبر أن مد رسول الله - عليه السلام - رطلان ، فإذا ثبت أن المد رطلان ثبت أن الصاع ثمانية أرطال ; لأن المد ربع الصاع بلا خلاف .

                                                وأخرجه من طريقين صحيحين :

                                                الأول : عن أحمد بن أبي عمران موسى الفقيه البغدادي ، عن الحماني ، عن شريك ابن عبد الله النخعي ، عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري ، عن عبد الله بن عبد الله بن جبر بن عتيك ، عن أنس بن مالك .

                                                الثاني : عن فهد بن سليمان ، عن سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني شيخ مسلم وأبي داود ، عن شريك . . . إلى آخره

                                                وأخرجه الدارقطني من طريقين آخرين :

                                                الأول : عن جعفر بن عون ، نا ابن أبي ليلى ، ذكره عن عبد الكريم ، عن أنس قال : "كان النبي - عليه السلام - يتوضأ بمد رطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال " .

                                                [ ص: 248 ] والثاني : عن أحمد بن محمد بن زياد القطان وعلي بن الحسن السواق ، قالا : ثنا محمد بن غالب ، نا أبو عاصم موسى بن نصر الحنفي ، نا عبدة بن سليمان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن جرير بن يزيد ، عن أنس بن مالك : "أن النبي - عليه السلام - كان يتوضأ برطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال " .

                                                فإن قيل : قال البيهقي : إسناد حديث الدارقطني ضعيف .

                                                قلت : قد حسن إسناده بما رواه الطحاوي بإسناد صحيح ، وتقوى أيضا بما أخرجه ابن عدي في "الكامل " : عن عمر بن موسى بن وجيه الوجيهي ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر قال : "كان النبي - عليه السلام - يتوضأ بالمد رطلين ، ويغتسل ثمانية أرطال " .

                                                فإن قيل : قال البيهقي : صاع الزكاة وصاع الغسل مختلفان ، وأن قدر ما يغتسل به كان يختلف باختلاف الاستعمال ، فلا معنى لترك الأحاديث الصحيحة في قدر الصاع المعد للزكاة .

                                                قلت : هذا من البيهقي مجرد دعوى بلا برهان ; لأنه لم يذكر ولا حديثا واحدا فيه تعيين قدر الصاع المعد لزكاة الفطر ، وأنه خمسة أرطال وثلث ، فافهم .




                                                الخدمات العلمية