الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                187 ص: حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد ، عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ويل للأعقاب من النار; أسبغوا الوضوء". .

                                                التالي السابق


                                                ش: رجاله ثقات، وأبو بكرة بكار القاضي ، وسفيان هو الثوري ، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله ، وسعيد هو ابن أبي كرب

                                                وأخرجه ابن ماجه : نا أبو بكر بن أبي شيبة ، نا الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن أبي كرب ، عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول: "ويل للأعقاب من النار" .

                                                قوله: "للأعقاب" جمع عقب مثال: كبد، وهو المستأخر الذي يمسك مؤخر شراك النعل، وقال أبو حاتم : عقب وعقب، مثال: كبد وصقر، وهي مؤنثة، ولم يكسروا العين كما في كبد وكتف.

                                                [ ص: 337 ] وقال النضر بن شميل : العقب يكون في المتن والساقين مختلط باللحم، يمشق منه مشقا، ويهذب، وينقى من اللحم، ويسوى منه الوتر، وأما العصب فالعلباء الغليظ، ولا خير فيه، قال الليث : والعقب مؤخر القدم فهو من العصب لا من العقب، وقال الأصمعي : العقب ما أصاب الأرض من مؤخر الرجل إلى موضع الشراك، وفي "المخصص": عرش القدم أصول سلامياتها المنتشرة القريبة من الأصابع، وعقبها مؤخرها الذي يفصلها عن مؤخر القدم، وهو موقع الشراك من خلفها.

                                                فإن قلت: لم خص الأعقاب بالعذاب؟

                                                قلت: لأنها العضو التي لم تغسل.

                                                وفي "الغريبين": وفي الحديث: "ويل للعقب من النار" أي لصاحب العقب المقصر عن غسلها، كما قال تعالى: واسأل القرية أي أهلها، وقيل: إن العقب تخص بالمؤلم من العقاب إذا قصر في غسلها.

                                                وفي "المنتهى في اللغة": وفي الحديث: "ويل للأعقاب من النار" أراد التغليظ في إسباغ الوضوء، وذلك أنهم كانوا يبولون على شباق من أعقابهم، ثم يصلون، ولا يغسلون.

                                                قوله: "أسبغوا" أمر من الإسباغ، وهو التكميل والإتمام، والسبوغ: الشمول، وإنما ترك العاطف بين الجملتين; لأن الثانية كالبيان للأصلي فلا يحتاج إلى العاطف.

                                                فإن قلت: ما الألف واللام في الأعقاب؟

                                                قلت: للعهد، أي الأعقاب التي رآها كذلك لم يمسها الماء، أو يكون المراد الأعقاب التي صفتها هذه لا كل الأعقاب.




                                                الخدمات العلمية