الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3586 3587 ص: وأما ما رووه عن عمر 5 وعثمان - رضي الله عنهما - في ذلك فإنه قد خالفهما في ذلك عبد الله بن عباس : [ ص: 100 ] حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا عثمان بن عمر ، قال : ثنا عيينة بن عبد الرحمن ، عن أبيه : أنه قال : "انطلقت حاجا ، فرافقني عثمان بن أبي العاص ، . فلما كان عند الإحرام قال : اغسلوا رءوسكم بهذا الخطمي الأبيض ، ولا يمس أحد منكم غيره ، فوقع في نفسي من ذلك شيء ، فقدمت مكة فسألت ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - فأما ابن عمر فقال : ما أحبه ، وأما ابن عباس ، فقال : أما أنا فأضمخ به رأسي ثم أحب بقاءه" .

                                                فهذا ابن عباس [قد] خالف عمر 5 وعثمان 5 وابن عمر 5 وعثمان بن أبي العاص - رضي الله عنهم - في ذلك .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا جواب عما احتج به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه بما روي عن عمر وعثمان المذكور فيما مضى ، وهو أن ما روي عنهما معارض بما روي عن ابن عباس ؛ فلا يتم به الاحتجاج .

                                                وقال ابن حزم : وأما عمر - رضي الله عنه - فقد روينا عن وكيع ، عن محمد بن قيس ، عن بشير بن يسار الأنصاري : "أن عمر - رضي الله عنه - وجد ريح طيب ، فقال : ممن هذا الريح ؟ فقال البراء بن عازب : مني يا أمير المؤمنين ، قال : قد علمنا أن امرأتك عطرة أو عطارة ، إنما الحاج الأذفر الأغبر" .

                                                فإنه لم ينهه عنه .

                                                وأما عثمان فإنه صح عنه أنه أجاز تغطية المحرم وجهه ، فخالفوه ، فسبحان من جعل قوله حيث لم تبلغه السنة حجة ، ولم يجعل فعله حيث لا خلاف فيه للسنن حجة! إن هذا لعجب .

                                                ثم إسناد أثر ابن عباس صحيح ، وعيينة بن عبد الرحمن بن جوشن الغطفاني البصري ، قال أحمد : ثقة ، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه .

                                                [ ص: 101 ] وأبوه عبد الرحمن بن جوشن قال أبو زرعة : ثقة ، وروى له الأربعة .

                                                وعثمان بن أبي العاص الثقفي الطائفي الصحابي - رضي الله عنه - .

                                                وأخرجه البيهقي مختصرا من حديث عيينة بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن ابن عباس عن الطيب في الإحرام ، فقال : "أما أنا فأسغسغه في رأسي ثم أحب بقاءه" .

                                                وأخرج ابن أبي شيبة عن وكيع ، عن عيينة بن عبد الرحمن ، عن أبيه قال : "حججت مرة فرافقت عبد الرحمن بن عمرو بن العاص ، فلما كان عند الإحرام أصبنا شيئا من الطيب ، فقال له عبد الرحمن : وددت أنك لم تفعل ؛ إني حججت مرة مع عثمان بن أبي العاص ، فأحرم من المتحشانية وهي قريبة من البصرة وقال : عليكم بهذا الطيب الأبيض فاغسلوا به رءوسكم عند الإحرام" .

                                                قوله : "فأضمخ به رأسي" من التضميخ وهو التلطيخ بالطيب وغيره والإكثار منه .

                                                قوله : "فأسغسغه" من السغسغة ، قال الأصمعي : هي التروية ، وقال الجوهري : سغسغت رأسي إذا وضعت عليه الدهن بكفك وعصرته ليتشرب ، وأصله سغغته بثلاث غينات إلا أنهم أبدلوا من الغين الوسطى سينا فرقا ببن فعلل وفعل ، وإنما زادوا السين دون سائر الحروف لأن في الحرف سينا ، وكذلك القول في جميع ما أشبهه مثل : لقلق وعثعث وكعكع .




                                                الخدمات العلمية