الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                200 ص: حدثنا أحمد بن داود ، قال: ثنا سهل بن بكار ، قال: ثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن يوسف بن ماهك ، عن عبد الله بن عمرو قال: " تخلف عنا رسول الله - عليه السلام - في سفرة سافرناها، فأدركنا وقد أرهقتنا صلاة العصر، ونحن نتوضأ ونمسح على أرجلنا، فنادى: ويل للأعقاب من النار -مرتين أو ثلاثا-" .

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأبو عوانة الوضاح اليشكري

                                                وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية إياس الواسطي التابعي الكبير

                                                وماهك بفتح الهاء والكاف، لا تتصرف للعجمة والعلمية، وهو اسم أبيه، وقيل: اسم أمه، والأصح أن اسم أمه مسيكة ، وعن ابن المديني يوسف بن ماهك [ ص: 345 ] ويوسف بن ماهان واحد، قلت: ماهك بالفارسية تصغير القمر، يعني "قمير" لأن ماه عندهم اسم القمر، والتصغير عندهم بالكاف.

                                                وأخرجه البخاري : عن أبي النعمان ، عن أبي عوانة إلى آخره نحو رواية الطحاوي ، وفيه فنادى بأعلى صوته.

                                                وأخرجه مسلم : عن شيبان بن فروخ وأبي كامل الجحدري جميعا، عن أبي عوانة إلى آخره نحوه.

                                                قوله: "في سفرة" قد جاء مفسرا في الرواية الأولى أنها كانت من مكة إلى المدينة .

                                                قوله: "وقد أرهقتنا" جملة حالية، وصلاة العصر فاعله، أي أعجلتنا لضيق وقتها، قال القاضي عياض : ومنه المراهق -بالفتح- في الحج; وقيل: بالكسر، وهو الذي أعجله ضيق الوقت أن يطوف.

                                                وفي "الموعب": قال أبو زيد : رهقتنا الصلاة بالكسر رهوقا: حانت، وأرهقنا نحن الصلاة إرهاقا: أخرناها عن وقتها، وقال صاحب "العين": استأخرنا عنها حتى يدنو وقت الأخرى، ورهقت الشيء رهقا أي دنوت منه.

                                                وفي "المحكم": أرهقنا الليل: دنا منا، ورهقتنا الصلاة رهقا: حانت.

                                                وفي "المعرب": رهقتنا الصلاة غشيتنا.

                                                وفي "الاشتقاق" للرماني أصل الرهق الغشيان، وكذا قاله الزجاج .

                                                وقال أبو النضر رهقني: دنا مني، وقال ابن الأعرابي : رهقته، وأرهقته بمعنى دنوت منه.

                                                قوله: "ونحن نتوضأ ونمسح على أرجلنا" قال القاضي عياض : معناه نغسل كما هو المراد في الآية بدليل تباين الروايات، وليس معناه ما أشار إليه بعضهم أنه دليل [ ص: 346 ] على أنهم كانوا يمسحون، فنهاهم النبي - عليه السلام -عن ذلك، وأمرهم بالغسل، وقالوا أيضا: لو كان غسلا لأمرهم بالإعادة لما صلوا. هذا لا حجة فيه لقائله; لأنه - عليه السلام - قد أعلمهم بأنهم مستوجبون النار على فعلهم بقوله: "ويل للأعقاب من النار" ولا يكون هذا إلا في الواجب، وقد أمرهم بالغسل بقوله: أسبغوا الوضوء، ولم يأت أنهم صلوا بهذا الوضوء، ولا أنها كانت عادتهم قبل; فيلزم أمرهم بالإعادة.




                                                الخدمات العلمية