الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3890 ص: وقالوا : أما ما ذكرتموه من قول الله - عز وجل - ثم محلها إلى البيت العتيق فهذا في البدن ليس في الحاج ، ومعنى البيت العتيق ها هنا الحرم كله كما قال في الآية الأخرى : حتى يبلغ الهدي محله فالحرم هو محل الهدي لأنه ينحر فيه ، فأما بنو آدم فإنما محلهم في حجهم يوم النحر .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قال هؤلاء الآخرون في الجواب عما استدل به القوم المذكورون ، وكانوا قد استدلوا بقوله تعالى : ثم محلها إلى البيت العتيق وهو المذكور في حديث ابن عباس المذكور في أول الباب ، وتقرير الجواب عن هذا : أن هذا في البدن ليس في الحاج ، وأن المراد بالبيت العتيق ها هنا هو الحرم كله ، فسرت ذلك الآية الأخرى ، وهو قوله تعالى : حتى يبلغ الهدي محله فالحرم هو محل الهدي لأنه ينحر فيه ، فأما بنو آدم فإنما محلهم في حجهم يوم النحر .

                                                وقال أبو بكر الجصاص : والمراد بالبيت ها هنا الحرم كله ، فعبر عنه بذكر البيت إذ كانت حرمة الحرم كله متعلقة بالبيت ، وهو كقوله تعالى ، في جزاء الصيد : هديا بالغ الكعبة ولا خلاف أن المراد الحرم كله ، وقد روى أسامة بن زيد ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - عليه السلام - : "عرفة كلها موقف ، ومنى كلها منحر" وكل فجاج مكة طريق ومنحر . وقال أيضا : كان ابن عباس يحتج في [ ص: 437 ] فسخ الحج في العمرة بقوله تعالى : ثم محلها إلى البيت العتيق فذهب إلى أنه يحل بالطواف ، فعله قبل عرفة أو بعده ، وكان يذهب إلى أن هذا الحكم باق لم ينسخ ، وأن فسخ الحج قبل تمامه جائز بأن يطوف قبل الوقوف بعرفة ، فتصير حجته عمرة ، وقد ثبت بظاهر قوله تعالى : وأتموا الحج نسخه ، وهذا معنى ما أراده عمر - رضي الله عنه - بقوله : "متعتان كانتا على عهد رسول الله - عليه السلام - وأنا أنهى عنهما وأضرب عليهما : متعة النساء ومتعة الحج" ويذهب فيه إلى ظاهر الآية ، وإلى ما علمه من توقيف رسول الله - عليه السلام - إياهم على أن فسخ الحج كان لهم خاصة .




                                                الخدمات العلمية